من أجل تحول وطني في مفهوم المواءمة بين التعليم وسوق العمل

من أجل تحول وطني في مفهوم المواءمة بين التعليم وسوق العمل؟  ماذا يريد القطاع الخاص من التعليم؟  وكيف يمكن لنظام التعليم أن يلبي احتياجات سوق العمل الوطني؟  وهل سيعمل مجلس التعليم على سد الفجوة الحاصلة في مفهوم المواءمة؟ د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
10- 12- 2012م Rajab.2020@hotmail.com ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يثير موضوع ربط مخرجات التعليم بمتطلبات سوق العمل تساؤلات عدة واستفسارات متنوعة تشوبها علامات التعجب والاستغراب والإنكار تارة والقناعة بأن ما أنجز على المستوى المؤسسي هو الحد المقبول وأن ما يتم في هذا الموضوع من ممارسة كاف تارة أخرى، في ظل عمل ما زال لم يتحول من مرحلة الاجتهاد الفردي المؤسسي، وفي هذا الاطار تظهر على السطح مجموعة من النقاط التي يفترض أن تكون بمثابة المدخل عند التطرق لموضوع المواءمة والإجابة عن التساؤلات التي طالما تتكرر على ألسنة القائمين على مؤسسات التعليم أو حتى توصيات البحوث والدراسات والتي لم تستطع إلى اللحظة إيجاد معالجة متوازنة واقعية مستدامة في الخروج من أزمة عدم المواءمة والوصول إلى مرحلة المواءمة المنشودة ، فما الذي يريده القطاع الخاص من التعليم؟، وهل لدى القطاع الخاص منظومة كفايات محددة يطلب من التعليم العمل بها؟ هذا في مقابل الأسئلة التي تتردد على ألسنه القائمين على القطاع الخاص بأن مخرجات التعليم غير قادرة على تلبية طموحات القطاع الخاص وتتسم بالجمود وعدم القدرة على التفاعل مع مستجداته، في حين ان الاجابة عن هذا التساؤل الأخير تكمن في السؤالين المطروحين سابقا؟ هذه الأسئلة وغيرها تتكرر وتعاد صياغتها بأساليب مختلفة لكنها تتمحور حول فكرة واحدة تشير بوضوح إلى أن الجميع يفتقدون إلى مؤشرات دقيقة واضحة في رصد فعل المواءمة ، وفي فهم متطلباتها، وفي قياس نواتج تحققها من عدمه والسبب في ذلك يكمن في أن القراءات كلها إنما تعطي مؤشرات تقريبية، وليست احتياجات دقيقة مشفوعة بالأرقام والإحصاءات، هذه النقاشات والمجادلات والمزايدات والمغالطات- ان صح التعبير تسميتها-عندما تقتصر على مجرد اتباع سياسة الكيل بمكيالين ولم يكن همها ايجاد مخرج من الأزمة أو الوصول إلى رؤية مشتركة تجمع جميع الأطراف ذات العلاقة على طاولة واحدة يتداول فيها الحديث عن كل حيثيات الموضوع للوصول الى حلول أو بريق أمل يخرج الموضوع الى حيز الفعل الوطني المشترك المستفيد من كل الفرص المتاحة والدعم الحكومي المعزز بالإرادة السامية لمولانا جلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه في اهمية تقديم معالجة شاملة نوعية للموضوع تراعي جميع المتغيرات وتستشرف مستقبل الوطن ، كون أنه من أولويات المرحلة الحالية التي تمر بها السلطنة والمرحلة القادمة التي تستشرفها من خلال مراجعة سياسات التعليم وخططه وبرامجه وتطويرها بما يواكب المتغيرات، إن الوصول إلى تحقيق الرؤية الطموحة من عملية المواءمة تتطلب نوعية جديدة من المعالجة تؤكد قبل كل شيء على أهمية قناعة الجميع بأن ما يتم تقديمه حاليا في هذا المجال إنما يأت كاجتهادات تقوم بها المؤسسات في إطار رؤيتها لمسؤوليتها الوطنية ، وبالتالي قد تفتقد أو تبتعد عن الممارسة الحقيقة للمواءمة، وفي الوقت نفسه أن يدرك الجميع الحاجة إلى فعل مشترك يؤطر ضمن استراتيجية وطنية ترسم الطريق للمواءمة وتؤصل لدى المؤسسات الثلاث ( التعليم المدرسي والتعليم العالي، وسوق العمل( القطاع الخاص) أهمية العمل من أجل تحقيق المواءمة، هذا بلا شك يدعونا قبل الدخول في خضم نقاشات هذا الموضوع أن نعي الطبيعة المتغيرة التي يستدعي المفهوم العمل في ظلها، فهي بمثابة محاور يستند إليها في أي مناقشة لموضوع المواءمة، وبالتالي فإن فهمنا لها هو دليل قناعتنا بما يمكن أن ينتج عن هذه المناقشات والتساؤلات من جهد وطني مشترك، وتتمثل في الآتي: • الطبيعة المتغيرة لسوق العمل واتسامه بالديناميكية وسرعة التحول فما هو مقبول من تخصصات اليوم قد لا تكون له تلك الاهمية في سنوات قليلة قادمة . • التحول النوعي في طبيعة المهارات المطلوبة بما يتواكب مع مهارات سوق العمل العالمية. • وجود تغيير مستمر في احتياجات سوق العمل بتغيير السياسات والتوجهات الوطنية والمؤسسية، وبالتالي عدم وجود مؤشرات واضحة في العمل حول السقف من المهارات والنواتج التي تتوفر لدى الخريج في التعليم المدرسي خاصة. • السياسة العامة للدولة وما تريده من التعليم، والشكل الناتج المتوقع منه. • فلسفة التعليم وحدود عملها ومستوى المعالجة المطروحة لمحتواها النظري والفهم المتحقق لدى الآخر بشأنها، هذا بالإضافة إلى أن فلسفة التعليم بالسلطنة والإطار النظري العام الذي بنيت إليه يشير بوضوح إلى أن من بين غايات التعليم هو اكساب المتعلم مهارات العمل وقيمه، وليست المراد هنا مهارات تخصصية بل هي مهارات أساسية مرنة لا تتجاوز طبيعة المرحلة التعليمية ونوعية التعليم والذي يؤطر في حدود مناهجه ومادته ومحتواه وطبيعة الطالب في مرحلة التعليم المدرسي ، وهنا توجه الأنظار إلى التعليم العالي الذي يفترض أنه يعد الطالب لتخصصات محددة في القطاع الخاص أو سوق العمل • التنوع في طبيعة عمل مؤسسات وشركات القطاع الخاص ذاتها. • هل دور مؤسسات التعليم اعداد متعلم جاهز وذو قالب واحد محدد يلبي كل طموحات ومؤسسات القطاع الخاص؟ • نوعية السوق المحلي ذاته وقدرته على تلمس احتياجاته ذاتيا، • مدى قدرة السوق المحلي على امتلاك خاصية استشراف المستقبل، • هل توجد رؤية واضحة وموحدة بالقطاع الخاص حول ما يريده من التعليم؟ وهو ما يعني مدى امتلاك القطاع الخاص لرؤية واضحة مقننة متفق عليها بين جميع مؤسسات القطاع الخاص والشركات في سقف معين تريده من التعليم • إن سوق العمل ما يزال غير مستوعب لخريجي بعض التخصصات النوعية في مؤسسات التعليم العالي، والدليل على ذلك أن الكثير من التخصصات النوعية التي ادركت مؤسسات التعليم العالي قيمتها وأهميتها على المستوى الوطني لم يستطع سوق العمل استقبال خريجيها لذلك اتجهوا لأعمال ومهام أخرى قد لا ترتبط بتخصصهم، لعدم وجود الميدان الحقيقي الذي يمكن أن تعمل فيه هذه الكفاءات. • موضوع المواءمة الحاصلة هو أقرب للاجتهاد المؤسسي فلكل المؤسسة اجتهادات في فهمها للموضوع وتقديرها للوضع والإطار الذي تعمل فيه لتحقيق المواءمة. وهو ما يجعل في المقابل مؤسسات التعليم تثق بأن ما تقدمه في ظل عدم وجود رؤية واضحة معتمدة من سوق العمل هو كاف ويحقق الغرض من التعليم ويؤكد على سلامة النهج الذي انتهجته، كون مؤسسات سوق العمل لم تحدد المهارات التي تريد وهي تختلف من مؤسسة لأخرى وفي قطاعات متنوعة بسوق العمل الوطني • امكانية وجود نقاط مشتركة يمكن الاستفادة منها في الجانبين للوصول إلى رؤية موحدة وطنية في ايجاد مواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل. • إن فهم عملية المواءمة وتحقيق متطلباتها يستدعي النظر في مجموعة من الأمور من بينها السياسة العامة للدولة في التعليم وما تريده من التعليم، هل تريد أن تكون دولة سياحية أم تجارية، أم صناعية، وما نوع الصناعات هل ثقيله أم متوسط الخ، هذا بلا شك سيكون محدد عام يضع سياسات التعليم في إطار محدد وبالتالي هو أمر قد لا يكون لمؤسسات التعليم علاقة به بقدر ما هو رؤية عامة لسياسة الدولة وتوجهاتها المستقبلية، • إن مما ينبغي الاشارة إليه هو أن السائد في العالم المتقدم كله هو أن التعليم المدرسي خاصة لا يعد الطالب لمهارات تخصصية ، بل مهارات الحياة المرنة، كما أن توفير شخص جاهز بكل المواصفات لا يمكن لمؤسسة معينة لوحدها تحقيقه بل هو عمل وطني مشترك تتفاعل فيه جهود كل المؤسسات المعنية ببناء الإنسان وصقل مهاراته، وما أشار إليه تقرير اللجنة الدولية لتطوير التعليم من مهارات اربع إنما يمهد لمرحلة التفاعلية في البناء المؤسسي ويؤصل لثقافة التكامل وتقاسم المسؤوليات بين المؤسسات في اعداد المتعلم لمهارات الحياة المختلفة. من هنا تأت أهمية النظرة الشمولية المتسعة عند أي معالجة تتناول موضوع المواءمة، بحيث تضع في أجندتها القدرة على الاجابة عن كل التساؤلات المطروحة من قبل كل الأطراف، مشفوعة بالمعايير والمؤشرات والخطط والبرامج والأدلة ونواتج العمل والإحصائيات والأرقام والتي بلا شك تضع أطراف العمل الثلاث في مرحلة تحول جديدة تتطلب منها المزيد من التنسيق والتكامل والتفاعل والترابط وإيجاد أدوات قياس محددة وواضحة ومعايير أداء مقننه وإطار عمل محدد في إطار وطني يستشرف مستقبل المواءمة التعليمية ويضع مؤسسات التعليم العالي والتعليم المدرسي والقطاع الخاص الذي يمثل سوق العمل أمام مرحلة مهمة تضع في اولوياتها مراجعة شاملة لكل السياسات والخطط والبرامج ليست فقط على مستوى مؤسسات التعليم بل أيضا على مستوى منظومة القطاع الخاص بالسلطنة ليصل إلى مرحلة تتأكد فيها ثقة الإنسان العماني بما يمكن أن يؤديه القطاع الخاص من دور من أجل الإنسان، وثقة الحكومة بقدرة القطاع الخاص على الوفاء بتعهداته والالتزام بمسؤولياته التي تطلبتها مراحل التنمية باعتباره الشريك للحكومة في احداث التحول النوعي . إن هذا التوجه يتطلب بلا شك أن تضع مؤسسات التعليم لنفسها معايير أداء محددة، ورؤى واضحة وهي بذلك تطرح لتحول نوعي يستشرف مرحلة جديدة من العمل التنموي المشترك الذي يفترض أن تنتهج فيه المؤسسات نهج أخرى تؤكد على الشراكة والحوار ووضوح الرؤية وبناء المعايير والشفافية والصراحة المؤسسية ، وبالتالي تتحول الثقافة السائدة من ثقافة الكيل بمكيالين ورمي التهم على الآخر، والتقليل مما يقدمه الآخر من جهود ومبادرات، إلى مرحلة العمل الوطني المسؤول الذي يعمل على انجاز متحقق ، وهي في الوقت ذاته فرصة لصياغة واقع جديد يبني على النقاط المشتركة وينطلق من مؤشرات عمل محددة تتفاعل في إطارها جوانب العمل الثلاث، وتنطلق من الحرص على صياغة رؤية وطنية مشتركة واضحة في هذا الموضوع تنقل مرحلة المواءمة من التنظير إلى الفعل الذي يظهر على شكل برامج وخطط وتوجهات ومشاريع ومبادرات ونماذج عمل محددة، وبالتالي لا بد من وجود صورة واضحة للمخرج من ازمة المواءمة التي تثار بشكل مستمر دون وجود رؤية واضحة تحتويها او تترجم عملها، وعلى هذا فإن بناء رؤية واضح للقضية يخرج موضوع المواءمة من أروقة المجادلات والمناقشات القاصرة عن بلوغ الغاية وتحقيق الطموح والتي لا يتجاوز مرحلة الاتهام واثبات الذات والتنكر للأخر بما يقدمه مع أنها جميعا لا تخرج جميعها من دائرة الاجتهاد المؤسسي وتقدير كل مؤسسة للوضع والمجال الذي تعمل فيه طالما لا يوجد اتفاق وطني مؤسسي على نوعية الخريج المطلوب، هو طرح هذا الموضوع في سياق وطني على شكل ندوات ولقاءات نوعية متخصصة تجمع القائمين على هذه المؤسسات بهدف الوصول إلى رؤية وطنية موحدة تعالج موضوع المواءمة في إطار السياسة العامة للدولة وتضع مؤسسات التعليم أمام واقع فعلي يعزز من مسؤولياتها في المراجعة الشاملة لسياستها وخططها وبرامجها بما يقرب صلتها من تحقيق رؤية المواءمة المطلوبة التي يستشرفها الوطن، ويضع مؤسسات القطاع الخاص أمام مسؤوليتها الحقيقية التي تتجاوز تكهناتها في ما يقدمه التعليم من مخرجات وانطباعها القاصر عن الاثبات بالدليل والشواهد، وبالتالي دعوتها في مراجعة شاملة أيضا لسياستها وخطط وبرامجها وتشريعاتها والتزاماتها وقدرتها على احتواء الكفاءات الوطنية ، وهو ما يمكن أن يضعها امام واقع لا مجال لتجاوزه بحجج غير مقنعه، وبالتالي فهي رؤية لبناء عمل مؤسسي يتفق الجميع عليه يمكن للمؤسسات السير عليه والأخذ به، هذا الأمر أيضا يدعو مجلس التعليم إلى تبني آليات واضحة في رؤية المواءمة وإيجاد نسق محدد من الفعل الوطني القائم على التنسيق والتكامل بين مؤسسات التعليم وسوق العمل، فهل سنجد من يسعى لمبادرة وطنية بشأن المواءمة؟ هذا ما نأمله. وإلى لقاء آخر

دعوة للحوار ...

إخواني أخواتي الكرام

في عالم تتصارع فيه الأفكار وتتطلام فيه القوى ، اجزم بما لا يدع لدي مجالا للشك ان ما ينقصنا هو الحوار الايجابي البناء .

على صفحات مدونتي هذه اكرر الدعوة للحوار فلنستمع لبعضنا البعض لنعطي

الفرصه للراي والراي الاخر لنكن على مستوى الامانه التي حملنا ايها من

لدن رب العالمين وارتضينا تحملها ليكن حوارنا حوار القلب والعقل المفتوح لا حوار الطرشان

الذي لا يستمع الا لنفسه وصوته فقط . وما احوجنا في

هذه الاوقات الراهنه بالذات لهذا الحوار . ادعوكم اخوة

واخوات وافتح لكم الباب للمشاركة بامثله واقعية من حياتكم والتي ثبت

لكم من خلالها اهمية الحوار شاركونا قصصكم اوحوادث ممرتم بها واشكاليات

توصلتم من خلالها الى ان الحوار هو الحل نعم الحوار هو الحل ومهما كانت المشكله ومهما اختلفنا

. ودمتم احباء متحاورين

.................
د.رجب بن علي بن عبيد العويسي
الاعتماد المدرسي بين القناعات الذاتية والتوجهات المؤسسية
قراءة تحليلية في إطار رؤية تطوير التعليم المدرسي بسلطنة عمان
د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
لقد حملت عمليات التطوير الموجهة للتعليم  ضمن ما حملت من بوادر التطوير والتحسين المؤسسي اتجاهاً جديداً نحو جعل المدرسة مركزاً تربوياً وتعليمياً مستقلاً من وحدات النظام التعليمي، من خلال سعيها نحو ما يمكن تسميته "توطين الكفاءات التعليمية في المدارس "، بحيث يجدون داخلها الجانب الأكبر من احتياجاتهم للتنمية المهنية وبما يسهم في تحقيق الاندماج الفعال بين نموهم المهني كأفراد ممارسين ، وبين التحسين المستمر لأداء المؤسسة المدرسية ، والتفعيل المستمر لأدوارها التعليمية والمجتمعية .. بشكل يجعل منها قوة دفع حاسمة في صالح الإنجاز التعليمي للمتعلمين والعملية التربوية بوجه عام .
وربما تضافرت مجموعة من العوامل التكنولوجية والمعرفية والاقتصادية على مدى العقد المنصرم من القرن العشرين في ظل ظهور ما يسمى باقتصاد المعرفة أو التنمية المستدامة لكي تعزز تلك التوجهات التعليمية ، سواء على مستوى الخطاب الدولي في تقارير ومشروعات المنظمات المعنية بالتعليم والثقافة والعلوم وبخاصة اليونسكو وعقودها  المختلفة المتعلقة بالتعليم للجميع وعقد الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ، أو على مستوى الممارسات التطويرية والتحسينية على مستوى المؤسسات التربوية على المستوى الإقليمي تارة وعلى مستويات الدول في أحيان أخرى، وبالتالي تعالت الدعوات التطويرية والتحسينية للأداء التعليمي للمؤسسة المدرسية ، والتي تنطلق في أولوياتها من حرصٍ على الاحتفاظ بمواقع متقدمة في ميدان المنافسة الدولية ، أو شعور بالرغبة نحو التفوق والتقدم باعتبار التعليم إستراتيجية التنمية البشرية والأمل الواعد للشعوب والمجتمعات نحو تحقيق الرفاهية.
إن المتغيرات المختلفة التي واكبت تطور التعليم وضروه ربط التعليم بسوق العمل والتوجهات العالمية نحو تحقيق التعليم المنتج والتعليم كأداة استثمار وظهور أنظمة تعليمية متطورة تفوقت على الأنظمة التعليمية في الدول ذات الاقتصاد المرتفع وظهور مفاهيم الجودة  والتنمية المستدامة  والتعليم مدى الحياة والمدرسة المنتجة والتعليم المفتوح ، كل ذلك وغيره جعل عملية النظر في  السياسات التعليمية لدى الدول أمرا يحظى بأولوية واهتمام كبيرين ، وكان من بين جوانب التطوير الحاصلة في المنظومة التعليمية  أن تم التأكيد على  فاعلية دور المدرسة في عملية التطوير وأن أي تطوير لسياسات التعليم ينبغي أن تنبع من المدرسة  ذاتها أو أن عمليات التطوير تكون مرتكزة حول المدرسة وأدائها، فظهرت ما يسمى بالمدرسة الفعالة والإدارة الذاتية للمدارس والتطوير المتمركز على المدرسة ، والاعتماد المدرسي ، ومدرسة الجودة، وكلها تؤكد على ضرورة أن تكون المدرسة أساس التطوير والتجديد وأن جميع المدخلات والعمليات والمخرجات ينبغي أن تحظى بمزيد من الاهتمام والمتابعة، مما يعني انتقال مسئولية تحسين الأداء المهني إلى المدارس ، وأصبحت جهود تفعيل وتطوير المناهج وطرائق التدريس ، وأساليب التقويم، بل وأنماط الإدارة والتخطيط ورسم السياسات .. أصبحت كلها متمركزة حول المدرسة، وأصبحت ممولة ومخططة بشكل ذاتي ومستقل.
ولعل مما زاد من استفحال الشعور بالرغبة نحو إعطاء المدرسة صلاحيات أوسع في تحديد نواتج تعلمها من خلال أساليب عديدة من بينها الاعتماد المدرسي صدور عدة تقارير دولية حول مستوى تعلم بعض المواد الدراسية في البلدان المختلفة ، كتقرير TIMSS حول مستوى تعلم الرياضيات والعلوم 1994 ، والذي احتل فيه التلاميذ الأمريكيون موقعاً متأخراً مقارنة بالتلاميذ الآسيويين ، وما سبقه ، وما تلاه من دراسات دولية مقارنة ، كانت لنتائجها أصداء إعلامية وسياسية واسعة ، برغم ما شاب بعضها من أوجه قصور في اختيار العينات، وفي طبيعة المناهج المتسابق حولها، وفي صياغة تقارير النتائج.
وقد زادت تلك الرغبة التنافسية والحرص على الجودة والامتياز في التعليم من اشتعال حركة المعايير وقياس نواتج التعلم خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي التي تمثل إضافة إلى حركة الكفايات في إعداد المعلم، في مجالات تخطيط المناهج ، ورسم السياسات ، والقياس والتقويم ، والإدارة التعليمية والمدرسية، ومعايير القبول والتخرج والتقدم في الإنجاز التعليمي ، والمواصفات الواجب توافرها في المبنى المدرسي وتجهيزاته ومرافقه ، وأنماط الإدارة ونظم مراقبة الجودة ..... الخ.
ويعد الاهتمام بجودة التعليم أحد مؤشرات تقدم الدول، وفي الآونة الأخيرة أصبح هناك اهتمام  كبير بتطبيق  المعايير  الدولية في مجال  التعليم ليس على مستوى مؤسسات التعليم العالي والجامعي بل حتى على مستوى المدرسة، للدور الحيوي والاستراتيجي الذي يمكن أن تؤديه المدرسة في حركة التنمية المجتمعية وبناء القدرات، غير أن روح المنافسة التي  اتسعت آفاقها في العصر الراهن نتيجة لشبكة الاتصالات  والاختلافات في نوعية المتعلم المستهدف وما يتوقع منه من مهارات ، وحجم الاستثمارات  المجتمعية التي أصبحت تخصص للتعليم، ومفهوم الجودة  الذي أصبح أكثر إلحاحا في عصرنا الراهن ، كل ذلك لبروز الحاجة الملحة لتوجه جديد بحكم النظرة إلى التعليم  ككل بوصفه منظومة شاملة يتعين أن تحكمها فلسفة مختلفة تماما تنطلق به على مستوى يستوفي اشتراطات ومعايير تعبر  عن الجودة في الأداء وتتضمن رؤية إستراتيجية للمستقبل.
تمثل هذا الاحتياج الجديد في مفهوم الاعتماد الذي اكتسب قوته منذ حوالي قرن ليكون بمثابة حزمة محددات لوحدات المنظومة  المدرسية المتكاملة  في مراحلها المختلفة، وهي المنظومة التي تشمل التلميذ وما يتعلمه ومواصفات ما يتعلمه والطريقة التي يتعلم بها والبيئة المكانية الذي يتعلم فيها ومواصفاتها والإمكانات المتاحة والوسائل المتوفرة  لتقديم العناصر المختلفة، وإمكانات الوصول المباشر  إلى مصادر المعلومات، والإفادة من الانجازات  التقنية في مجال المعلومات والاتصالات، منظومة شاملة  تتضمن إتاحة الفرصة  أمام المتعلم  لتطبيق واختبار مهاراته التي تعلمها في بيئة المدرسة  المقننة، وفي إطار أوسع يمتد باتساع المجتمع كله يتيح له  حرية الاختيار وإعمال روح المبادرة ، مجتمع يوفر له فرص المشاركة  في أنشطته البناءة  والاستمتاع بأنشطته الترفيهية  كجزء من برنامج  إعداده وتعليمه، انطلاقة للمتعلم في مجال أوسع للاختيار، وأكثر وضوحا في الالتزام والمسؤوليات، كما تشمل المنظومة أيضا المعلم وتأهيله وتدريبه ورؤيته لدوره، وطرق تفعيل هذا الدور ، ومشاركته في  تنمية تلاميذه، وفي تنمية قدراته والانفتاح على مصادر المعرفة  والخبرة والمعلومات ، والمشاركة في تطوير السياسة التعليمية  واتخاذ القرارات، ومواجهة متطلبات المجتمع، منظومة تشمل رسالة المدرسة وفلسفتها وسياساتها وأهدافها، كما تشمل بنيتها التنظيمية والقواعد واللوائح التي تسيرها وتحكمها، وأساليب  التقييم التي تخضع لها  والمعايير التي تستوفيها، والمحكات التي تحكم أدائها.
وبين هذا وذاك ظهرت العديد من النماذج  المستخدمة في الاعتماد الأكاديمي، وقد خلصت دراسة مكتب النافع المقدمة إلى مكتب التربية العربي إلى أن  أفضل أنظمة الاعتماد هي تلك التي تناولت جميع جوانب المدرسة كمؤسسة  والعمليات وممارسات التعلم والتي تركز  على دعم بيئة التقويم الذاتي  والمقارنة المرجعية  ومشاركة الجميع ومساعدة المدرسة على  في التعرف على نقاط القوة والضعف وعمل خطط إستراتيجية تساعد على التطوير  والعناية بالتحسين المستمر[1]، لذا يعد الاعتماد المدرسي أحد المداخل المرتكزة على المعايير لتحسين المدرسة وجودتها من حيث المنهج، والتدريس داخل بيئة الصف الدراسي، والإدارة التربوية، والمرافق والمبنى المدرسية، والمشاركة المجتمعية، ونواتج التعلم داخل المدارس، ويؤدى التطبيق الملائم لهذا الإصلاح إلى حدوث تحول في عملية التدريس والتعلم داخل حجرات الدراسة عن طريق استبدال النموذج التقليدي لأساليب التدريس المعتمد على الحفظ والتلقين ليحل محله نموذج التعلم النشط والاعتراف بأهمية المعرفة المهنية، والتقويم الشامل والأصيل ودمج التكنولوجيا فى عملية التعليم والتعلم. ويتحقق ذلك بجعل المدارس قادرة مهنياً على الاضطلاع بمسئوليتها ومحاسبتها، بالإضافة إلى تزويد المدارس بالدعم المالي لمساعدتها على ربط مُخصصات الموارد بالأداء وبرامج التحسين، ومراعاة القواعد التشريعية والقانونية، ووضع شكل مؤسسي للمحاسبية المتمركزة على الأداء، ومساعدة المدرسة على إجراء التقويم الذاتي، ووضع خطط الإصلاح في ضوء المعايير الوطنية للتعليم.
ويعد الاعتماد إطارا مرجعيا معياريا  حيث يقارن بين الأداء الملحوظ والمعايير الموجودة  التي تم تحديدها من قبل مؤسسات الاعتماد، وهو عملية التقييم  الخارجي للجودة، الذي يقوم على  الترابط بين مؤشرات الأداء  والدراسة الذاتية وتقييم الأقران الذي يعتمد  على خبرات المقيمين الخارجيين الذين يقومون بزيارة المؤسسة التربوية وتقييم أدائها في ضوء المعايير، ويتم منح الاعتماد للمؤسسة التعليمية والتربوية عن طريق مؤسسات الاعتماد وذلك على  مستوى المؤسسة أو البرامج، وهي تعتمد على تطوير المؤسسة التربوية  لنفسها من خلال الدراسة الذاتية والتقويم والتأكيد للمجتمع أن لها أهدافا تعليمية محددة.
لذا يرى منظرو التطوير المدرسي أن البداية الحقيقية لتحقيق مفهوم الاعتماد تتمثل في توافر "إرادة التغيير" لدى أعضاء هيئة التدريس بالمدرسة ، ثم في توافر الدعم والمساندة الخارجية ، ممثلة في المشروعات التي تشارك فيها المؤسسة التربوية، ومن خلال التنسيق والتعاون بين الطرفين يبدأ مشهد التغيير بطرح مجموعة من الأسئلة ، التي تحتاج الإجابة عنها بذل المزيد من الجهد في البحث والاستقصاء ، ومن ثم وضع استراتيجيات التطوير المناسبة.
إن مما ينبغي الإشارة إليه في هذا الإطار تلكم الجهود المبذولة في تطوير التعليم بالسلطنة والتوجهات النوعية في الاستفادة من الخبرات والتجارب العالمية والإقليمية في كل ما من شأنه الارتقاء بمستوى منظومة التعليم  لذا فإن الارتقاء بنوعية التعليم في المدارس وضمان جودة أدائها يمثل جانباً رئيسياً في ترجمة توجه وزارة التربية والتعليم التطويري والذي تضمنته رؤيتها الإستراتيجية المنبثقة عن الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني 2020، وإستراتيجية تطوير التعليم 2006- 2011، وذلك في إطار تحديث وتطوير منظومة الأداء التعليمي، حيث تبذل الوزارة جهودا نوعية لضمان تحقيق الجودة بكل جوانب العملية التعليمية وإعداد المؤسسات التربوية لاستحقاق الاعتماد المدرسي من خلال السعي نحو بناء معايير وطنية  للتعليم في إطار تحقيق الهدف الذي يسعى لبناء أجيال مؤهلة وفقاً لمعطيات العصر للمشاركة في الخطط التنموية وبرامج التنمية المستدامة ، لقد أتاحت  الجهود التي بذلتها الوزارة في ظل رؤية تطوير التعليم المدرسي  الفرص في سبيل تبني مفهوم الاعتماد المدرسي ، إذ أن معظم ما يحتويه هذا التوجه قد سعت الوزارة لتحقيقه من خلال بعض المشاريع التربوية التي أخذت بها الوزارة.
غير أن تحقيق مفهوم واقعي للاعتماد المدرسي  يتطلب تعزيز الجهود المشتركة نحو تطوير الممارسات الايجابية وتعزيزها وبناء القدرات الوطنية وخلق الوعي الايجابي  لدى العاملين  حول الاعتماد المدرسي وجوانب تطبيقه والآليات التي يمكن من خلالها تنفيذ الاعتماد في الواقع، فالاعتماد المدرسي توجه عالمي قد أخذت به أفضل الأنظمة التعليمية في العالم، لقناعتها ما للاعتماد المدرسي من أهمية في سبيل تحسين الأداء المدرسي وانتقاء أفضل الممارسات التعليمية المساندة والمعززة لتعليم منتج ملبي للاحتياجات، بالإضافة إلى أن تحقيق التطوير التربوي المنشود يتطلب جهوداً حثيثة لتطوير وتحديث المؤسسات التعليمية بشكل متكامل من خلال منظومة التقييم المعتمدة لتحديد مستوى وجودة التعليم في المدارس، متضمنة كل الجوانب التربوية الرامية لتحقيق مخرجات تعليمية تمكن الطلاب من مواصلة التعلم مدى الحياة والتعلم الذاتي  سواء عند  الالتحاق بمؤسسات  التعليم العالي والجامعي أو سوق العمل، من خلال الاهتمام بجودة المنتج التعليمي واستحداث نظام أكاديمي شامل ومتكامل يتم بموجبه تقييم المؤسسات التعليمية ورصد قدراتها على تقديم تعليم متطور ملبي للاحتياجات، ويحقق الطموحات الوطنية، ويتوافق مع المستويات العالمية. وهذا التوجه ليس بغريب على وزارة التربية والتعليم التي سعت في إطار رؤيتها التطويرية، ولعل من حسن الطالع الإشارة إلى أن البيئة التربوية العمانية مهيأة لقبول هذا التوجه، فعلى مدى الثلاثة العقود الماضية والسلطنة ساعية نحو تطوير نظامها التعليمي وقد ترجم هذا التطوير من خلال تبني بعض المشاريع التربوية النوعية التي ساهمت بلا شك في  تعزيز عالمية النظام التعليمي بالسلطنة وقدرته على التفاعل مع التوجهات والتحديات، ومرونته في التعامل مع القضايا العالمية  المختلفة من خلال المناهج وأساليب التدريس ونتمط التفاعل والتواصل الخ،  ومن بين ما يمكن الإشارة إليه في هذا الجانب المتعلق بالاعتماد نذكر، نظام تطور الأداء المدرسي التقويم الذاتي والتقويم الخارجي،  وتطوير مهارات المديرين ، والإدارة الذاتية للمدارس،  ورفع المؤهلات، واشتراط بعض المعايير في قبول المعلم لمهنة التدريس في بعض المواد، واجتيازهم بعض الامتحانات شرطا لقبولهم ، والبوابة التعليمية الالكترونية  ونود التأكيد هنا على مشروع الإدارة الذاتية بالمدارس حيث يعد مفهوم "التطوير المتمركز على المدرسة تمهيداً للاعتماد التربوي"، ومشروع التنمية المعرفية، والمشاركة في الاختبارات الدولية، والمشاركة في المسابقات الإقليمية والدولية، وإدخال التخطيط الاستراتيجي بالمدارس بحيث يصبح لكل مدرسة رؤية ورسالة وأهداف إستراتيجية وتشغيلية تسعى لتحقيقها،،، الخ.
             ولا شك فإنه يمكن الاستفادة من هذه الجهود كمنطلقات لتأسيس نظام الاعتماد المدرسي، حيث أن الخطوات الايجابية التي اتخذتها الوزارة في السنوات السابقة منذ البدء في تطوير التعليم المدرسي يشكل فرص داعمة  وعامل مساندة يمكن من خلاله الوصول إلى تحقيقي رؤية وطنية لمفهوم الاعتماد المدرسية في إطار التجارب العالمية والتوجهات  الوطنية والإقليمية على المستوى الإقليمي أو الوطني ، إن المطلوب في الوقت الحالي هو توحيد المصطلحات والمفاهيم والاتفاق بشأنها والعمل على تبني مفهوم الاعتماد كأحد أولويات تطوير التعليم، وبالتالي  تعزيز الوعي بالمتطلبات وتعزيز مبدأ المحاسبية  في إطار من المعايير الملبية لمتطلبات الحاضر وتوقعات المستقبل، وفي إطار رؤية تطوير التعليم المدرسي وتعزيز برامج التنمية البشرية المستدامة من خلال وجود تعليم يلبي الطموحات ويحقق الغايات ، وتعزيزا لتحقيق مبدأ عالمية التعليم وعالمية المخرجات التعليمية  وسعيا نحو إيجاد  المحرجات الطلابية  ذات الثقافة العالمية والتي  تمتلك المهارات والكفايات  المناسبة التي يحتاجها واقع  العمل المهني بالسلطنة.
إن من الأهمية بمكان وفي إطار تعزيز المبادرات والاستفادة من المحطات النوعية في السلطنة التي تدعم الاعتماد وضبط الجودة، أن يتم  ربط هذه التوجهات  بمتطلبات عقد الأمم المتحدة  للتنمية المستدامة والتعليم للجميع، وتعزيز مبدأ الشراكات، وتوطين الكوادر الفاعلة التربوية بالمدارس، وتعليم المهارات،  وتعزيز الكوادر والممارسات الناجحة وتشجيعها،  والاستفادة منها في إيجاد  برامج تطويرية نوعية  بما يسهم في  تحسين نواتج  تعلم الطلاب وتجديد المواقف التعليمية وتكوين  برامج تعزز الاتجاهات الايجابية لدى المتعلمين وتحقق طموحاتهم من جهة، وفي تعزيز دافعية  الطلاب نحو التعليم  وخلق بيئة  تربوية تفاعلية  قادرة على الارتقاء  بالطالب ومستويات تحصيل تعلمه من جهة أخرى.
إن الاعتماد المدرسي يهدف إلى إيجاد بيئة تعليمية جاذبة وتوفير المعلومات الواضحة عن جوانب الأداء بالمدارس وتمكينها من قياسه ومتابعته في ضوء معايير وطنية ودولية محددة وإجراء المراجعات الشاملة عن المؤسسة التربوية بجوانبه الإدارية والتعليمية وإتاحة الفرصة لمدراء المدارس والمؤسسات التعليمية لاتخاذ القرارات المناسبة نحو التجديد والتطوير، مما يعني تكامل الأدوار والمسؤوليات بين الوزارة والحقل التربوي، والذي يقوم على ترسيخ مبادئ الشراكة والتعاون لتحقيق أهداف التعليم، لذا فأن مشروع الاعتماد المدرسي ينبغي أن يكون واحداً من مشروعات التطوير الذي تتبناه الوزارة لدعم المؤسسة التربوية الأولى وهي المدرسة والاحتكام إلى معايير تستند إلى الأسس العالمية مما يساهم في تطوير الأداء التعليمي في إطار الالتزام بالموضوعية والشفافية لتحقيق جودة أداء المدارس.
وتكمن أهمية الاعتماد المدرسي في تقييم تلك البرامج الدراسية وفق معايير عالمية مؤسساتية وخلق معايير التقييم الداخلي في المؤسسات التعليمية، وتحسين الأداء التدريسي وتقديم تعليم ملبي لاحتياجات الطلاب، ويواكب المعايير العالمية بالإضافة إلى ضمان واستمرارية وتطوير جودة الخدمات التعليمية وكذلك ضمان مستوى جيد من الأداء الأكاديمي والتربوي في البرامج المقدمة من قبل المؤسسات. وبالتالي فإن على الوزارة أن تعمل على  اتخاذ الإجراءات المناسبة المتعلقة  برصد المعايير التي تساهم في توفير بيئة صحية وآمنة لتعلم الطلاب في المدارس، وبناء معايير لرصد جودة الأداء وتطوير وتنفيذ نظام الاعتماد المدرسي وتقديم المساعدة الفنية للعاملين في المدارس بشأن عمليات الدراسة الذاتية والأنشطة والتأكد من أن المدارس مرخصة ومعتمدة بصورة متوقعة ومتسقة مع معايير المناهج والتقويم والتنمية المهنية والتربية الخاصة، كما أن مراحل الاعتماد الأكاديمي تشمل الدراسة الذاتية والتقييم التعاوني "ومراجعة النظير" والزيارة الميدانية وتقرير لجنة الاعتماد بالإضافة إلى التقويم الداخلي والخارجي، إذ أن مجالات التقويم للمؤسسة التعليمية تتضمن الاستعانة بمؤشرات تربوية في إطار المنظومة التعليمية بالمؤسسة والتي تشمل أبعاداً ثلاثة هي مدخلات المؤسسة التعليمية، عمليات التعليم والتعلم ومخرجات المؤسسة المتمثلة في التحصيل الدراسي .
وعلى هذا فإن الاعتماد المدرسي يلقي على المدرسة مسؤولية إدارة مواردها وبناء قدراتها والاستفادة من تجاربها، وتأكيد الممارسات الأفضل أداء وتوجيهها لتعزيز المخرجات الطلابية الواعية والقادرة على تحقيق توقعات المدرسة التي هي في الأساس توجهات السياسة التعليمية والمجتمع المحلي، حيث ينظر الاعتماد المدرسي إلى المؤسسة التربوية والتعليمية كنظام له مدخلاته وعملياته ومخرجاته المتمثلة في الطلاب وتنمية كفاياتهم وتطوير قدراتهم ، وبالتالي فإن هناك معالجة شاملة متكاملة لكل عناصر المنظومة التعليمية ، وإيجاد توقعات ومعايير تقاس من خلالها نتائج تحصيل الطلاب ومستويات تعلمهم. مع دراسة وتحليل واقع المدرسة في إطار من المعايير والمؤشرات من حيث تحليل واقع المدرسة في إطار الدراسة الذاتية ( SWAT ) من خلال جوانب القوة وأولويات التطوير  وتحديد الفرص والتحديات بحيث يتم تناول رؤية المدرسة ورسالتها، وأهدافها من حيث الوضوح وسلامة الصياغة والقابلية للقياس ووفاؤها بالتطلعات المأمولة من النظام المدرسي، والقدرة على أن تكون موجهًا لأداء العاملين وإنجازاتهم، ومدى تطور أداء الطالب في مجال التحصيل واكتساب المهارات والقيم والنمو الشامل لشخصيته بأبعاده الفكرية والعاطفية والحركية، ومدى كفاءة العملية التعليمية وأساليب التربية المعتمدة في المدرسة وما يقوم به العاملون من جهود في سبيل تحقيق التطور والنمو المنشود، مع ما يتطلبه تحقيق ذلك من برامج وإجراءات عمل  
 كفاءة وكفاية العاملين بالمدرسة من معلمين وإداريين وفنيين من حيث عددهم وإعدادهم المهني ومؤهلاتهم وكفاءتهم التدريسية والتربوية وخبرتهم ودرجة التزامهم وولائهم لمهنتهم، ومعنوياتهم، واتجاهاتهم الإيجابية نحو مهنتهم وزملائهم وطلابهم، وحرصهم على النمو والتطوير المهني، بالإضافة إلى الجهود المبذولة في وضع خطط وتنفيذ برامج التدريب، وما يتوفر من سياسات وبرامج لتطويرهم والارتقاء بأدائهم وإيجاد بيئة مدرسية داعمة ومحفزة للإنجاز.
 توفير الكوادر الإدارية المدرسية المدركة لأهمية الاعتماد والمعرفة بالطرق السليمة لتطبيقه والاستفادة من نتائجه لغرض التطوير والتحسين، والقدرة على كسب الدعم والتأييد من جميع العاملين بقبوله وتنفيذه بأفضل أسلوب تعاوني وتكاملي وموضوعي وجعله جزءًا من إستراتيجية المدرسة في التطوير الذاتي المستمر.
توفر الأنظمة واللوائح والسياسات والإجراءات التي تساعد على تطبيق نظام الاعتماد المدرسي وتوجيه نتائجه نحو التحسين والتطوير.
درجة الالتزام بالتطوير والتحسين من جميع منسوبي المدرسة وممارسة ذلك باعتباره أبرز المهام والمسؤوليات الموكولة إليهم.
إن توفر الكوادر البشرية الواعية والمدركة لمتطلبات الاعتماد المدرسي، وأهميته، والقادرة على ضمان تفعيله  وتوظيف الممارسات الإيجابية في سبيل تحقيق أهدافه  سوف يعزز بلا شك من فرص النجاح والتطبيق لنظم الاعتماد المبنية على الدراية والمعايير الواضحة.
إن كفاءة تحقيق فاعلية الاعتماد المدرسي تتعزز من خلال تأكيد المسؤولية الجماعية التي  يساهم ويشارك فيها كل المعنيين بالعملية التربوية من معلمين وإداريين ومشرفين وطلاب، كل حسب اختصاصه وكفاءته وخبراته وعلاقته بالعنصر المراد تقويمه، وتؤكد نتائج البحوث أهمية توسيع المشاركة في عملية الدراسة الذاتية المعززة لنجاح الاعتماد وضمان الجودة  لما لها من أثر إيجابي على المشارك من حيث الإحساس بالأهمية والتفاعل في تنفيذ نتائج وتوصيات الدراسة الذاتية والتقويم الخارجي والقيام بما تتطلبه خطة التحسين المستمر في ظل التقويم الخارجي والدراسة الذاتية، مع  ارتباط ذلك إلى حد بعيد  بموضوع الدافعية الذاتية والإرادة المسئولة، بمعنى أن كل فرد في المدرسة يستشعره ويدرك أهميته وقيمته، وأن تكون لديه الدافعية للمشاركة في عملياته وتطبيق توصياته، وأن تتوفر لديه الرغبة والقناعة بتطوير قدراته ومهاراته في مجال الاعتماذ وضبط الجودة، بل ويسعى إلى مطالبة الغير بتقويمه ومساعدته على معرفة نقاط قوته وأولويات التطوير والإفادة من ذلك في تطوير أدائه والارتقاء بمهنته.كما أنه من الأهمية بمكان أن يأخذ  نظام الاعتماد المدرسي  في الحسبان بثقافة المدرسة ومستويات التعلم التنظيمي بها وخبراتها المتراكمة  وإنجازاتها ومبادراتها النوعية وفق نظام محدد وخطوات واضحة وإجراءات معينه تتيح للمدرسة فرص الاستفادة من خبراتها وتوظيفها في ممارساتها وأدائها التعليمي، وهنا تأتي أهمية تهيئة وتدريب جميع العاملين في فريق الجودة والاعتماد المدرسي بما يمكنهم من التطبيق السليم من خلال التدريب والمشاركة الفاعلة في عمليات التقويم والمتابعة، الأمر الذي يفضي إلى تراكم الخبرة التي تساعد على تعزيز الممارسة الإيجابية بكل ثقة وثبات وموضوعية، مع امتلاك القدرة والمهارة على الترجمة الفورية للنتائج في هيئة قرارات وطرق وإجراءات تنفيذية للتطوير والتحسين.
كما يستفيد الاعتماد المدرسي من مدخل الدراسات الذاتية التي تطبق بأغراض الاعتماد وضمان الجودة في الأداء...إن أهمية الدراسة الذاتية  الكيفية والكمية للمدرسة تكمن في تناولها المتعمق والشامل لكل جوانب العمل داخل المدرسة في إطار ثقافتها وخبراتها وتجاربها القائمة  على التحليل العلمي والقراءة المنهجية الواعية  لتحديد جوانب القوة وأولويات التطوير وتحليل الوضع الراهن، فهدف الدراسة الذاتية تبيان وضعها الراهن من حيث الإمكانات والتجهيزات والعمليات التي تتوافر فيها ويتم قياسها وفقً آلية محددة مسبقًا، بالإضافة إلى ذلك فإن فريق الجودة والتقييم الخارجي الذي يقوم بزيارة  المدرسة سوف يعمل  على إجراء مقارنة بين نتائج الدراسة الذاتية بالمشاهدات والملاحظات  والمقابلات، حيث يتناول هذا المجال "المدرسة" كوحدة متكاملة، بهدف ضمان تحقيق الجودة الشاملة في العملية التعليمية، التي تتضمن كافة العناصر في تفاعل إيجابي لتحقيق التوقعات المأمولة للارتقاء بمستوى الممارسات التعليمية السائدة فيها للوصول بها إلى مستوى المعايير في مجالاتها المختلفة بهدف تحقيق جودة تعلم الطلاب ومن ثم تحسين مستوى تعلمهم ويمكن النظر إليها على أنها خارطة الطريق التي توضح لأفراد المجتمع المدرسي، وأولياء الأمور وغيرهم من المعنيين الآخرين ، الإجراءات التي يجب عليهم القيام بها لتحقيق جودة الأداء المدرسي والوصول إلى التطوير المنشود في ضوء مرجعية المعايير ثم يقومون بإعداد تقرير حول أوضاع المدرسة متضمنة التوصية باعتمادها فورًا أو اعتمادها بعد استكمال المتطلبات الناقصة.
إن تحقيق مفهوم الاعتماد المدرسي يستلزم تعزيز القناعات الايجابية لدى المعلمين والعاملين بالمدرسة، والنظر إلى عملية الاعتماد على أنها ليست مسالة قائمة بذاتها وإنما داخلة في إطار رؤية التطوير التربوي ، وبالتالي فإن لبرامج التوعية، وأساليب التدريب والتثقيف بهذا الموضوع   ينبغي أن يكون لها أثرها الواضح، وفي المقابل فإن عملية المتابعة المستمرة والمراجعة الدورية   شيء ضروري للتأكد من سلوك المسار وتصحيح  الاتجاهات التي قد تفهم  في النظام وكسر  حاجز الخوف والرهبة لدى المعنيين، لذا فإن الاعتماد المدرسي يحتاج لقناعة  القائمين على المؤسسة التعليمية والهيئات التعليمية في  ممارسة دورها ومسؤولياتها  وتوفر الكوادر التربوية التي تدعم تحقق المشروع وتلتزم بتطبيقه بصورة تعكس الواقع والتوقعات. إن الاعتماد المدرسي يعد أحد المداخل المرتكزة على المعايير لتحسين المدرسة وجودتها من حيث المنهج، والتدريس داخل بيئة الصف الدراسي، والإدارة التربوية، والمرافق والمبنى المدرسية، والمشاركة المجتمعية، ونواتج التعلم داخل المدارس، ويؤدى التطبيق الملائم لهذا الإصلاح إلى حدوث تحول في عملية التدريس والتعلم داخل حجرات الدراسة عن طريق استبدال النموذج التقليدي لأساليب التدريس المعتمد على الحفظ والتلقين ليحل محله نموذج التعلم النشط والاعتراف بأهمية المعرفة المهنية، والتقويم الشامل والأصيل ودمج التكنولوجيا فى عملية التعليم والتعلم. ويتحقق ذلك بجعل المدارس قادرة مهنياً على الاضطلاع بمسئوليتها ومحاسبتها، بالإضافة إلى تزويد المدارس بالدعم المالي لمساعدتها على ربط مُخصصات الموارد بالأداء وبرامج التحسين، ومراعاة القواعد التشريعية والقانونية، ووضع شكل مؤسسي للمحاسبية المتمركزة على الأداء، ومساعدة المدرسة على إجراء التقويم الذاتي، ووضع خطط الإصلاح في ضوء المعايير الوطنية للتعليم.
من هنا ينبغي النظر إلى مشروع الاعتماد المدرسي كإطار عمل مساند للطلاب، وللمعلم وإدارة المدرسة، وليس العكس، بحيث تعمل هذه الجهات  إلى توظيف أفضل الممارسات في تحسين العمل والاستفادة  من أفضل الممارسات  التعليمية السائدة  بالمدارس  سواء ما يتعلق منها بتطوير المناهج  أو أساليب التعليم والتعلم ، أو فيما يتعلق  بنظام التقويم  المستمر ، وتأكيده على  توظيف مهارات  الطلاب وقدراتهم، والأنشطة المدرسية،  وتعزيز ثقافة التطوير والمبادرة  لدى إدارات المدارس من خلال  المشاريع التطويرية ذات العلاقة، أو فيما يتعلق  بالمعلمين ، وتوجهات الوزارة نحو تطوير  ممارساتهم وإشراكهم  في التطوير، وتمكينهم من المشاركة الفاعلة  في رؤية التطوير من خلال البحوث والدراسات  واللقاءات  والاستفادة من مقترحاتهم  وأرائهم التربوية، وتوجهها المستمر نحو استفادة من أفضل الممارسات التعليمية  وجعلها منطلقا للاهتمام المعلمين وايجابيتهم في تفاعلهم مع متطلباته، بما يسهم في إيجاد بدائل وخيارات مختلفة تتيح للمعلم فرص التعلم الذاتي والتثقيف المستمر، وفرصا أكبر  وأوسع  نحو المشاركة بفاعلية  وتمكينه في إطار تعزيز القناعة الذاتية لديه، لذا فإن مما ينبغي الإشارة إليه في هذا الإطار أهمية الربط بين هذه المشاريع  ضمن رؤية تطويرية واحدة  تراعي الأولويات والمتطلبات وأهداف التنمية الوطنية ، وفي إطار مراجعة مستمرة للمستجدات  وسبل التعامل مع التحديات، كما أن إيجاد بيئة  تربوية تعليمية تقوم على  التنوع  والتفاعل والشراكة والانتقاء والاختيار  سوف يضمن تحقيق بيئة تربوية داعمة لمفهوم الاعتماد المدرسي، مع التأكيد على أن الاستفادة من التوجهات الدولية  والإقليمية في موضوع الاعتماد المدرسي  يتطلب دراسة  مكانية للظروف  واللقاءات التي ساهمت بلا شك  في نجاح تطبيقه،  وبشكل يتيح أرضية واسعة للتطبيق فإن الموضوع يحتاج لمزيد من الإثراء والدعم والمتابعة والمحاسبية  وقياس التكلفة، والتحليل ، ودراسة ثقافة المؤسسة التربوية ، والاستفادة من أفضل الممارسات  التعليمية السائدة في المدارس وتعزيزها  وتوجيهها  لخدمة الأداء التعليمي المدرسي وتحسين جودته.
إن دور الوزارة في هذا الإطار  يتعزز من  خلال  تأكيد تبني  المعايير في العمل التربوي  وقياس النتائج والمؤشرات والتوقعات، وهذا بلا شك سوف يسهم في تحقيق رؤية الوزارة بشان  تطوير المخرجات التعليمية من جهة،  وسوف يحقق عالمية التعليم  في المدارس  من خلال  تكوين ثقافة عالمية لدى الشباب ومتفاعلة مع الثقافات الأخرى، ووضع الضوابط والمعايير العلمية التي  يمكن من خلالها انتقاء  واختيار المبادرات النوعية التي تحقق مفهوم الاعتماد المدرسي وضبط الجودة، لذا فإن مما ينبغي الإشارة إليه  أن عملية الاعتماد المدرسي ليس غاية في حد ذاتها  بل ينبغي أن تشكل  أحد موجهات التطوير التربوي، وغرس ثقافة التطوير على المستوى الفردي ومستوى المؤسسة، وتعزيز المبادرات الوطنية وتأصيلها  وإيجاد التشريعات  المناسبة والمعززة للممارسات الايجابية ورصدها بشكل  علمي  يعزز من توجهات التطوير التربوي، عليه فإن تأكيد ضمان الجودة  يتطلب توفر مجموعة من الأنشطة وإجراءات العمل  والتدابير التي يمكن  أن تتخذ في سبيل  تحقيق جودة مخرجات التعليم بما يلبي متطلبات سوق العمل الوطني والعالمي  من الكفاءات البشرية المساهمة  في البناء والتطوير، في إطار النظر  إلى عملية الاعتماد  المدرسي بأنها عملية تهدف إلى إدارة الموارد التعليمية البشرية والمادية بالمدرسة لتحسين الأداء ونواتج تعلم الطالب، وتعزيز الفرص بما يلبى احتياجات الطلاب، واستخدامهم للمعرفة في ظل مجتمع جديد يرتكز على المعرفة ويعزز من دور المتعلم في إنتاج المعرفة وابتكارها، وذلك عن طريق جعل المدارس أكثر وعياً بالحاجة إلى إدارة فعالة وهادفة، وفى نفس الوقت إعطاء مزيد من المرونة للمدرسة لتوجيه مواردها لتفى باحتياجاتها المطلوبة من جهة، ومزيد من المشاركة من قبل المعلمين وأولياء الأمور في العمليات المتعلقة بسياسة المدرسة واتخاذ القرار من جهة أخرى.


0 التعليقات

شاركنا الراي ...

مختارات مصورة