من أجل تحول وطني في مفهوم المواءمة بين التعليم وسوق العمل

من أجل تحول وطني في مفهوم المواءمة بين التعليم وسوق العمل؟  ماذا يريد القطاع الخاص من التعليم؟  وكيف يمكن لنظام التعليم أن يلبي احتياجات سوق العمل الوطني؟  وهل سيعمل مجلس التعليم على سد الفجوة الحاصلة في مفهوم المواءمة؟ د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
10- 12- 2012م Rajab.2020@hotmail.com ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يثير موضوع ربط مخرجات التعليم بمتطلبات سوق العمل تساؤلات عدة واستفسارات متنوعة تشوبها علامات التعجب والاستغراب والإنكار تارة والقناعة بأن ما أنجز على المستوى المؤسسي هو الحد المقبول وأن ما يتم في هذا الموضوع من ممارسة كاف تارة أخرى، في ظل عمل ما زال لم يتحول من مرحلة الاجتهاد الفردي المؤسسي، وفي هذا الاطار تظهر على السطح مجموعة من النقاط التي يفترض أن تكون بمثابة المدخل عند التطرق لموضوع المواءمة والإجابة عن التساؤلات التي طالما تتكرر على ألسنة القائمين على مؤسسات التعليم أو حتى توصيات البحوث والدراسات والتي لم تستطع إلى اللحظة إيجاد معالجة متوازنة واقعية مستدامة في الخروج من أزمة عدم المواءمة والوصول إلى مرحلة المواءمة المنشودة ، فما الذي يريده القطاع الخاص من التعليم؟، وهل لدى القطاع الخاص منظومة كفايات محددة يطلب من التعليم العمل بها؟ هذا في مقابل الأسئلة التي تتردد على ألسنه القائمين على القطاع الخاص بأن مخرجات التعليم غير قادرة على تلبية طموحات القطاع الخاص وتتسم بالجمود وعدم القدرة على التفاعل مع مستجداته، في حين ان الاجابة عن هذا التساؤل الأخير تكمن في السؤالين المطروحين سابقا؟ هذه الأسئلة وغيرها تتكرر وتعاد صياغتها بأساليب مختلفة لكنها تتمحور حول فكرة واحدة تشير بوضوح إلى أن الجميع يفتقدون إلى مؤشرات دقيقة واضحة في رصد فعل المواءمة ، وفي فهم متطلباتها، وفي قياس نواتج تحققها من عدمه والسبب في ذلك يكمن في أن القراءات كلها إنما تعطي مؤشرات تقريبية، وليست احتياجات دقيقة مشفوعة بالأرقام والإحصاءات، هذه النقاشات والمجادلات والمزايدات والمغالطات- ان صح التعبير تسميتها-عندما تقتصر على مجرد اتباع سياسة الكيل بمكيالين ولم يكن همها ايجاد مخرج من الأزمة أو الوصول إلى رؤية مشتركة تجمع جميع الأطراف ذات العلاقة على طاولة واحدة يتداول فيها الحديث عن كل حيثيات الموضوع للوصول الى حلول أو بريق أمل يخرج الموضوع الى حيز الفعل الوطني المشترك المستفيد من كل الفرص المتاحة والدعم الحكومي المعزز بالإرادة السامية لمولانا جلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه في اهمية تقديم معالجة شاملة نوعية للموضوع تراعي جميع المتغيرات وتستشرف مستقبل الوطن ، كون أنه من أولويات المرحلة الحالية التي تمر بها السلطنة والمرحلة القادمة التي تستشرفها من خلال مراجعة سياسات التعليم وخططه وبرامجه وتطويرها بما يواكب المتغيرات، إن الوصول إلى تحقيق الرؤية الطموحة من عملية المواءمة تتطلب نوعية جديدة من المعالجة تؤكد قبل كل شيء على أهمية قناعة الجميع بأن ما يتم تقديمه حاليا في هذا المجال إنما يأت كاجتهادات تقوم بها المؤسسات في إطار رؤيتها لمسؤوليتها الوطنية ، وبالتالي قد تفتقد أو تبتعد عن الممارسة الحقيقة للمواءمة، وفي الوقت نفسه أن يدرك الجميع الحاجة إلى فعل مشترك يؤطر ضمن استراتيجية وطنية ترسم الطريق للمواءمة وتؤصل لدى المؤسسات الثلاث ( التعليم المدرسي والتعليم العالي، وسوق العمل( القطاع الخاص) أهمية العمل من أجل تحقيق المواءمة، هذا بلا شك يدعونا قبل الدخول في خضم نقاشات هذا الموضوع أن نعي الطبيعة المتغيرة التي يستدعي المفهوم العمل في ظلها، فهي بمثابة محاور يستند إليها في أي مناقشة لموضوع المواءمة، وبالتالي فإن فهمنا لها هو دليل قناعتنا بما يمكن أن ينتج عن هذه المناقشات والتساؤلات من جهد وطني مشترك، وتتمثل في الآتي: • الطبيعة المتغيرة لسوق العمل واتسامه بالديناميكية وسرعة التحول فما هو مقبول من تخصصات اليوم قد لا تكون له تلك الاهمية في سنوات قليلة قادمة . • التحول النوعي في طبيعة المهارات المطلوبة بما يتواكب مع مهارات سوق العمل العالمية. • وجود تغيير مستمر في احتياجات سوق العمل بتغيير السياسات والتوجهات الوطنية والمؤسسية، وبالتالي عدم وجود مؤشرات واضحة في العمل حول السقف من المهارات والنواتج التي تتوفر لدى الخريج في التعليم المدرسي خاصة. • السياسة العامة للدولة وما تريده من التعليم، والشكل الناتج المتوقع منه. • فلسفة التعليم وحدود عملها ومستوى المعالجة المطروحة لمحتواها النظري والفهم المتحقق لدى الآخر بشأنها، هذا بالإضافة إلى أن فلسفة التعليم بالسلطنة والإطار النظري العام الذي بنيت إليه يشير بوضوح إلى أن من بين غايات التعليم هو اكساب المتعلم مهارات العمل وقيمه، وليست المراد هنا مهارات تخصصية بل هي مهارات أساسية مرنة لا تتجاوز طبيعة المرحلة التعليمية ونوعية التعليم والذي يؤطر في حدود مناهجه ومادته ومحتواه وطبيعة الطالب في مرحلة التعليم المدرسي ، وهنا توجه الأنظار إلى التعليم العالي الذي يفترض أنه يعد الطالب لتخصصات محددة في القطاع الخاص أو سوق العمل • التنوع في طبيعة عمل مؤسسات وشركات القطاع الخاص ذاتها. • هل دور مؤسسات التعليم اعداد متعلم جاهز وذو قالب واحد محدد يلبي كل طموحات ومؤسسات القطاع الخاص؟ • نوعية السوق المحلي ذاته وقدرته على تلمس احتياجاته ذاتيا، • مدى قدرة السوق المحلي على امتلاك خاصية استشراف المستقبل، • هل توجد رؤية واضحة وموحدة بالقطاع الخاص حول ما يريده من التعليم؟ وهو ما يعني مدى امتلاك القطاع الخاص لرؤية واضحة مقننة متفق عليها بين جميع مؤسسات القطاع الخاص والشركات في سقف معين تريده من التعليم • إن سوق العمل ما يزال غير مستوعب لخريجي بعض التخصصات النوعية في مؤسسات التعليم العالي، والدليل على ذلك أن الكثير من التخصصات النوعية التي ادركت مؤسسات التعليم العالي قيمتها وأهميتها على المستوى الوطني لم يستطع سوق العمل استقبال خريجيها لذلك اتجهوا لأعمال ومهام أخرى قد لا ترتبط بتخصصهم، لعدم وجود الميدان الحقيقي الذي يمكن أن تعمل فيه هذه الكفاءات. • موضوع المواءمة الحاصلة هو أقرب للاجتهاد المؤسسي فلكل المؤسسة اجتهادات في فهمها للموضوع وتقديرها للوضع والإطار الذي تعمل فيه لتحقيق المواءمة. وهو ما يجعل في المقابل مؤسسات التعليم تثق بأن ما تقدمه في ظل عدم وجود رؤية واضحة معتمدة من سوق العمل هو كاف ويحقق الغرض من التعليم ويؤكد على سلامة النهج الذي انتهجته، كون مؤسسات سوق العمل لم تحدد المهارات التي تريد وهي تختلف من مؤسسة لأخرى وفي قطاعات متنوعة بسوق العمل الوطني • امكانية وجود نقاط مشتركة يمكن الاستفادة منها في الجانبين للوصول إلى رؤية موحدة وطنية في ايجاد مواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل. • إن فهم عملية المواءمة وتحقيق متطلباتها يستدعي النظر في مجموعة من الأمور من بينها السياسة العامة للدولة في التعليم وما تريده من التعليم، هل تريد أن تكون دولة سياحية أم تجارية، أم صناعية، وما نوع الصناعات هل ثقيله أم متوسط الخ، هذا بلا شك سيكون محدد عام يضع سياسات التعليم في إطار محدد وبالتالي هو أمر قد لا يكون لمؤسسات التعليم علاقة به بقدر ما هو رؤية عامة لسياسة الدولة وتوجهاتها المستقبلية، • إن مما ينبغي الاشارة إليه هو أن السائد في العالم المتقدم كله هو أن التعليم المدرسي خاصة لا يعد الطالب لمهارات تخصصية ، بل مهارات الحياة المرنة، كما أن توفير شخص جاهز بكل المواصفات لا يمكن لمؤسسة معينة لوحدها تحقيقه بل هو عمل وطني مشترك تتفاعل فيه جهود كل المؤسسات المعنية ببناء الإنسان وصقل مهاراته، وما أشار إليه تقرير اللجنة الدولية لتطوير التعليم من مهارات اربع إنما يمهد لمرحلة التفاعلية في البناء المؤسسي ويؤصل لثقافة التكامل وتقاسم المسؤوليات بين المؤسسات في اعداد المتعلم لمهارات الحياة المختلفة. من هنا تأت أهمية النظرة الشمولية المتسعة عند أي معالجة تتناول موضوع المواءمة، بحيث تضع في أجندتها القدرة على الاجابة عن كل التساؤلات المطروحة من قبل كل الأطراف، مشفوعة بالمعايير والمؤشرات والخطط والبرامج والأدلة ونواتج العمل والإحصائيات والأرقام والتي بلا شك تضع أطراف العمل الثلاث في مرحلة تحول جديدة تتطلب منها المزيد من التنسيق والتكامل والتفاعل والترابط وإيجاد أدوات قياس محددة وواضحة ومعايير أداء مقننه وإطار عمل محدد في إطار وطني يستشرف مستقبل المواءمة التعليمية ويضع مؤسسات التعليم العالي والتعليم المدرسي والقطاع الخاص الذي يمثل سوق العمل أمام مرحلة مهمة تضع في اولوياتها مراجعة شاملة لكل السياسات والخطط والبرامج ليست فقط على مستوى مؤسسات التعليم بل أيضا على مستوى منظومة القطاع الخاص بالسلطنة ليصل إلى مرحلة تتأكد فيها ثقة الإنسان العماني بما يمكن أن يؤديه القطاع الخاص من دور من أجل الإنسان، وثقة الحكومة بقدرة القطاع الخاص على الوفاء بتعهداته والالتزام بمسؤولياته التي تطلبتها مراحل التنمية باعتباره الشريك للحكومة في احداث التحول النوعي . إن هذا التوجه يتطلب بلا شك أن تضع مؤسسات التعليم لنفسها معايير أداء محددة، ورؤى واضحة وهي بذلك تطرح لتحول نوعي يستشرف مرحلة جديدة من العمل التنموي المشترك الذي يفترض أن تنتهج فيه المؤسسات نهج أخرى تؤكد على الشراكة والحوار ووضوح الرؤية وبناء المعايير والشفافية والصراحة المؤسسية ، وبالتالي تتحول الثقافة السائدة من ثقافة الكيل بمكيالين ورمي التهم على الآخر، والتقليل مما يقدمه الآخر من جهود ومبادرات، إلى مرحلة العمل الوطني المسؤول الذي يعمل على انجاز متحقق ، وهي في الوقت ذاته فرصة لصياغة واقع جديد يبني على النقاط المشتركة وينطلق من مؤشرات عمل محددة تتفاعل في إطارها جوانب العمل الثلاث، وتنطلق من الحرص على صياغة رؤية وطنية مشتركة واضحة في هذا الموضوع تنقل مرحلة المواءمة من التنظير إلى الفعل الذي يظهر على شكل برامج وخطط وتوجهات ومشاريع ومبادرات ونماذج عمل محددة، وبالتالي لا بد من وجود صورة واضحة للمخرج من ازمة المواءمة التي تثار بشكل مستمر دون وجود رؤية واضحة تحتويها او تترجم عملها، وعلى هذا فإن بناء رؤية واضح للقضية يخرج موضوع المواءمة من أروقة المجادلات والمناقشات القاصرة عن بلوغ الغاية وتحقيق الطموح والتي لا يتجاوز مرحلة الاتهام واثبات الذات والتنكر للأخر بما يقدمه مع أنها جميعا لا تخرج جميعها من دائرة الاجتهاد المؤسسي وتقدير كل مؤسسة للوضع والمجال الذي تعمل فيه طالما لا يوجد اتفاق وطني مؤسسي على نوعية الخريج المطلوب، هو طرح هذا الموضوع في سياق وطني على شكل ندوات ولقاءات نوعية متخصصة تجمع القائمين على هذه المؤسسات بهدف الوصول إلى رؤية وطنية موحدة تعالج موضوع المواءمة في إطار السياسة العامة للدولة وتضع مؤسسات التعليم أمام واقع فعلي يعزز من مسؤولياتها في المراجعة الشاملة لسياستها وخططها وبرامجها بما يقرب صلتها من تحقيق رؤية المواءمة المطلوبة التي يستشرفها الوطن، ويضع مؤسسات القطاع الخاص أمام مسؤوليتها الحقيقية التي تتجاوز تكهناتها في ما يقدمه التعليم من مخرجات وانطباعها القاصر عن الاثبات بالدليل والشواهد، وبالتالي دعوتها في مراجعة شاملة أيضا لسياستها وخطط وبرامجها وتشريعاتها والتزاماتها وقدرتها على احتواء الكفاءات الوطنية ، وهو ما يمكن أن يضعها امام واقع لا مجال لتجاوزه بحجج غير مقنعه، وبالتالي فهي رؤية لبناء عمل مؤسسي يتفق الجميع عليه يمكن للمؤسسات السير عليه والأخذ به، هذا الأمر أيضا يدعو مجلس التعليم إلى تبني آليات واضحة في رؤية المواءمة وإيجاد نسق محدد من الفعل الوطني القائم على التنسيق والتكامل بين مؤسسات التعليم وسوق العمل، فهل سنجد من يسعى لمبادرة وطنية بشأن المواءمة؟ هذا ما نأمله. وإلى لقاء آخر

دعوة للحوار ...

إخواني أخواتي الكرام

في عالم تتصارع فيه الأفكار وتتطلام فيه القوى ، اجزم بما لا يدع لدي مجالا للشك ان ما ينقصنا هو الحوار الايجابي البناء .

على صفحات مدونتي هذه اكرر الدعوة للحوار فلنستمع لبعضنا البعض لنعطي

الفرصه للراي والراي الاخر لنكن على مستوى الامانه التي حملنا ايها من

لدن رب العالمين وارتضينا تحملها ليكن حوارنا حوار القلب والعقل المفتوح لا حوار الطرشان

الذي لا يستمع الا لنفسه وصوته فقط . وما احوجنا في

هذه الاوقات الراهنه بالذات لهذا الحوار . ادعوكم اخوة

واخوات وافتح لكم الباب للمشاركة بامثله واقعية من حياتكم والتي ثبت

لكم من خلالها اهمية الحوار شاركونا قصصكم اوحوادث ممرتم بها واشكاليات

توصلتم من خلالها الى ان الحوار هو الحل نعم الحوار هو الحل ومهما كانت المشكله ومهما اختلفنا

. ودمتم احباء متحاورين

.................
د.رجب بن علي بن عبيد العويسي
المعلم والعَودُ أحمد...........؟
" مراجعة الذات وتقويم الممارسات لبداية عام دراسي طموح":
يبدأ دوام الهيئة التدريسية والإدارية والوظائف المصاحبة لها للعام الدراسي 2009/ 2010، قبل أسبوعين تقريبا من بدء دوام الطلبة، أتمنى أن يكون عام خير وسعد للأسرة التربوية، فهنيئا لأولئك الجنود المجندة التي تحمل رسالة التعليم تحمل رسالة الوطن والنهضة والتطوير إلى الأجيال الواعدة، يبدأ دوام الهيئة التدريسية وكلنا أمل لوقفة صادقة مع النفس بين أداء سابق ومرحلة سابقة وبين مرحلة جديدة تحمل في جنباتها اهتمامات جديدة وخطط تطويرية جديدة واتجاهات وتغيرات جديدة في الفكر التربوي ،،، وطالما أن التجديد والتطور سمة العمل التربوي فإن الرغبة في التجديد وغرس ثقافة التطوير ينبغي أن تكون سمة المعلم فهو سر نجاح التطوير والتجديد ،،، نترقب العام الدراسي الجديد وكلنا أمل في أن تكون هناك مراجعة للذات من قبل معلمينا مراجعة صريحة للأداء والانجازات والاهتمامات وتقييم مستمر يتواكب ومتطلبات الوقت وينسجم واتجاهات التطوير التربوي وخطط وزارة التربية والتعليم ،،، وأن يكون الأسبوعين اللذين يسبقان بدء دوام الطلاب منطلقا للتجديد والحوار التربوي، بما يسهم في ترجمة تلكم الرؤى والأفكار والمبادرات إلى خطط إجرائية عملية في إطار من الحوار التربوي المشترك داخل المدرسة، فهي بمثابة ترتيب للبيت المدرسي وتهيئة للمعلمين لاستقبال العام الدراسي الجديد قلبا وقالبا، إنها دعوة جادة وصادقة من القلب إلى القلب، دعوة للمعلم لمراجعة النفس وإعادة صياغة العمل والأداء ومحاسبة النفس عن جوانب التقصير ودراسة جوانب القوة في الأداء، والاستفادة من وقت السكينة والراحة في محاولة التفكير الجدي لآلية جديدة ، وابتكار أساليب أخرى يرفد بها مدرسته وطلابه. وعلى هذا فإن الدور الأساسي للتطوير والمبادرة الذاتية للتجديد وإثراء المناهج والخطط والبرامج بالرؤى والأفكار والتطبيقات الأنسب، إنما هو دور المعلم ومسؤوليته، وهذا يقتضي أن لا يكتفي المعلم بأن يكون ناقلا للأفكار والمعلومات السابقة التي اكتسبها في مراحل سابقة، بل أن يكون باحثا ومضيفا إليها من ثقافته وخبراته واجتهاداته واقتراحاته الجديدة، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال التنمية الثقافية الذاتية المستمرة للمعلم، ذلك أن تطوير التعليم لا يكتسب معناه الحقيقي وجوهره، إلا عندما يكون نابعا من ذات المعلم، من خلال حرصه على تطوير ذاته وإثراء معارفه وتوسيع مداركه وذلك بالقراءة والاطلاع في كل ما يتعلق بحقله الاختصاصي والحقول العلمية الأخرى، حتى يستطيع أن يثري المنهج الدراسي بروافد خبراته وأفكاره وقراءاته وتأملاته وآفاق فكره المنفتح والمتجدد، في ظل عصر سمته غزارة المعلومات ، وتجدد المعارف وسعة الآفاق العلمية والعلوم والمكتشفات الحديثة.
تعزيز القناعات الايجابية وتطوير مستوى الوعي الذاتي للمعلم الضمان الأمثل لتحقيق أهداف التطوير التربوي:
إن السؤال الذي يطرح نفسه في هذه الفترة من بدء العام الدراسي هو: كيف يمكن للمعلم أن يجعل من فترة الاسترخاء أو الأجازة الصيفية منطلقا لمرحلة جديدة في العمل المهني التربوي سمتها الحيوية والنشاط والاجتهاد؟ وكيف يمكن للمعلم أن يجعل من عملية التدريس مصدرا لتجديد طاقاته وإشباع ذواته ومعبرا لحياة مهنية ملؤها التفاؤل والحماس والجدية والعمل والنشاط، تؤمن بالمبادرة والابتكار، يستثمر فيها المعلم طاقاته لأجل تحقيق المزيد من الأهداف عن طريق تنمية القدرات وتطوير المواقف والاتجاهات؟ .
في تقديري فإن تعزيز دافعية المعلم وتفعيل طاقات الوعي والمعرفة لديه هما الضمان الأمثل لتحقيق الغاية والوصول للهدف، إذ يتوقع أن يؤدي وعي المعلم وقناعته بالمهنة دورا كبيرا في تجديد طاقاته وتغيير أنماط حياته المهنية، وترسيخ مفهوم التدريس الأصيل على أساس من الرضا والتفاؤل، إن تفعيل طاقات الوعي لدى المعلم يتطلب تعزيز الاتجاهات الإيجابية التفاؤلية. وتعني أن يدرك المعلم حقيقة مهنته ويسعى إلى تطويرها والارتفاع بمستواها من خلال تقديره لهذه المهنة، والأخذ بالمفاهيم والمبادئ التربوية والنفسية عند التخطيط للعملية التعليمية، والاستزادة من العلوم التربوية والنفسية سواء عن طريق التعلم الذاتي أو التنمية المهنية المستدامة، فمثل تلك البنية التفاؤلية والنظرة الإيجابية يفترض أن تولد لدى المعلم قوة مساعدة تكسبه مزيدا من الثقة في قدراته وتنمي لديه الاستعداد لمزيد من الإنتاج والعطاء، وبالتالي يكون اتجاهه متوافقا مع ما يفكر ويشعر ويترجم سلوكه، يسعى من خلاله إلى جعل التدريس مصدرا لتجديد طاقاته وتنمية معارفه، فيصبح التدريس في نظره أداة لتطوير شخصيته نحو الأفضل، ومصدر لتطوير إبداعاته، وفرصة لممارسة دور التربوي. فهو بذلك يعمل على عدم السماح للصورة السلبية بأن تنطبع في فكره وشخصيته، إن القناعات السلبية التي يحملها بعض المعلمين نحو مهنة التدريس، تولّد لديهم مثل هذا الإحساس والشعور، " حتى يصبح صريعا لميزان الربح والخسارة المادية، والحوافز والعوائق، يقابل بينها، دون نظر إلى رسالة التعليم وأهدافها السامية، فهو لا يحفل بها ولا تقع في دائرة همومه. إن تغيير هذه القناعات السلبية لا يتم إلا من خلال الإرادة الصادقة القوية والعزيمة الوقادة، ويوم أن يدرك المعلم ما لهذه القناعة من أهمية وفائدة فإنه سوف تنقشع أمامه كل الحواجز وتهين أمامه كل الصعاب فيتغلب الضمير والعقل والفكر والقناعة على كل ما سواها، فلا الربح الذي يجنيه المعلم هو المقياس، ولا الحوافز المادية هي الهدف.
تعزيز الحوار التربوي مع المعلم والقناعة بدوره والتطوير المهني المستمر لأدائه وممارساته منطلقات وفرص داعمه للمعلم العماني:
من هنا يأتي دور وزارة التربية والتعليم في تعزيز دور المعلم وتهيئة المناخ المناسب لعمله وتعزيز الثقافة الايجابية بالمدارس وتعزيز صناعة القدوات من الهيئة التدريسية بالمدارس وتمكينها وتوطين العناصر المتميزة ودعمها ومساندتها. وتأتي توجيهات الوزارة ودعوتها للمعلم نحو التجديد والتطوير والمراجعة والتقييم والاستعداد النفسي والبدني لتحمل هذه المسؤولية أحد الروافد والمعززات التي يستنير بها المعلم والتي تحدد ملامح ومتطلبات الدور الذي يقوم به، وتأتي الدعوات التي وجهتها الوزارة في المحافل المحلية والإقليمية والدولية إلى الاهتمام بالمعلم وتطوير أدائه والاتقاء بثقافته وفكره ، وما تم الإشارة إلى في اللقاء السنوي الثاني بالوزارة للعام 2008/ 2009 بالاهتمام بالمعلم وجعل هذا العام 2009/ 2010عاما للمعلم العماني دليل على الرغبة الأكيدة للتركيز على المعلم في كل جوانبه ومجالات عمله، وهي ليست دعوة محدودة بوقت معين أو لمدة عام دراسي واحد بل الاهتمام بالمعلم عملية مستمرة. لهذا لم تكن عملية المتابعة للمعلم والعمل على تطويره وتعزيز دوره عملية وقتية أو محددة بنهاية عام دراسي؛ بل هي عملية مستمرة ينبغي أن تستخدم فيها أساليب تربوية متنوعة يتوقع مساهمتها في إيجاد المناخ المناسب لعمل المعلم وتعزيز دوره وممارسة ابتكاراته وتطبيق مبادراته، وهذا يعني تعزيز دور المدرسة في التطوير المهني للمعلم من خلال تفعيل دور إدارة المدرسة ومعلميها والطلاب وأولياء الأمور من بداية العام الدراسي بتطبيق الآلية العملية الصحيحة لخطة المدرسة وبرامجها في كل يوم طيلة العام الدراسي، مع التأكيد على ضرورة مساندة جهود المدرسة في تنفيذ إجراءاتها ووسائلها التربوية والإدارية السابقة حول المعلم وتطويره والارتقاء بأدائه. وتدرك الوزارة أن تعاون الجميع( طلاب، وأسرة ومجتمع) مع المدرسة من خلال المتابعة والتوجيه، وإثراء الجانب الإيجابي لدى البناء ودافعتيهم نحو الاستمرارية والالتزام بأيام الدراسة ومتطلباتها، في ما من شأنه مساعدة المعلم ومساندته وتعزيز ثقافة الوعي والمسؤولية لديه، أمر في غاية الأهمية وهو الضمان الأمثل للوصول إلى الأهداف المنشودة.
1 التعليقات
  1. غير معرف Says:

    بالفعل المعلم بحاجة الى النظرة التفاؤلية والايجابية حتى يتمكن من الابداع ومواصلة العمل


شاركنا الراي ...

مختارات مصورة