التثقيف المستدام للمعلمين في وزارة التربية والتعليم.. غاية يمكن أن تدرك!!: "رؤية حول تطوير المعلمين في سلطنة عُـمان"
د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
لقد فرضت تحديات الثورة المعلوماتية والتكنولوجية على التعليم أن يكون تعليما من أجل الجودة، وأصبح على مؤسسات الإعداد أن تعمل على إعداد وتخريج نوعية جديدة من المعلمين لا تحوز المعرفة وأدواتها فحسب؛ بل تملك أيضا القدرة على التعليم المستمر مدى الحياة، وعلى تطوير معارفها ومهاراتها، إذ غدت المؤسسة التربوية اليوم في حاجة إلى المعلم الذي يتفاعل مع طلابه بقدر ما يتفاعل مع الأجهزة التكنولوجية المتطورة، وعليه أصبح المعلم مطالب أكثر من أي وقت مضى بالقراءة والاطلاع الواسع، والتعامل مع مجتمع المعلومات المتجدد واستمرارية التدريب والتثقيف، واستخدام التكنولوجيا الحديثة وتوظيفها لصالح العملية التعليمية، وتهيئة المتعلمين للتعامل مع مجتمع المعرفة، وإعدادهم للمشاركة البناءة في المجتمع. فإلى أي مدى أدركت مؤسسات الإعداد حجم المسؤولية المرتبطة بإعداد المعلم؟ وماذا تطور في برامج تأهيل المعلم بمؤسسات الإعداد في السنوات الأخيرة؟ وهل إعداد المعلم في مؤسسات الإعداد يُغني عن وجود مراكز تدريب وتثقيف للمعلمين بوزارة التربية والتعليم؟ ولماذا يتذمر بعض الأكاديميين في مؤسسات الإعداد من عمليات التطوير المتسارعة في وزارة التربية والتعليم؟ وما الذي يمكن أن تساهم به مؤسسات الإعداد في تعزيز مفهوم التثقيف المستدام للمعلمين والإداريين بوزارة التربية والتعليم؟ وهل وزارة التربية والتعليم أمام تحدٍ نوعي في عملية التنمية المهنية والتثقيف المستدام؟ وكم نسبة التدريب التي تمنح للمعلم العماني أثناء الخدمة؟ وإلى أي مدى نحن بحاجة إلى نوع التدريب المرتبط بالكفايات؟ وإلى أي مدى يمكن أن نربط قضية التدريب وتقييم أثره بأداء المعلم العماني وبقائه في الخدمة؟ هل توفير التثقيف المستدام للمعلم العماني سوف يحقق هدف الوزارة من جودة التعليم؟ وهل تدريب المعلمين وتنميتهم مهنيا كاف للوصول إلى الجودة المنشودة من المعلم العماني؟ أم أن عملية الجودة المنشودة مرتبطة بعملية اختيار المعلم في كليات التربية والمعايير التي في ضوئها يُقبل في الالتحاق بمهنة التعليم؟ ولماذا ينقطع دور مؤسسات الإعداد بمجرد تخرج الطالب منها؟ ومن المسؤول عن تدني ثقافة بعض المعلمين العمانيين؟ كيف يمكن نقل أفضل الممارسات في تدريب المعلمين أثناء الخدمة في بعض الدول في عملية التثقيف والتدريب المستدام للمعلم العماني؟ وما الإجراءات التي يجب اتخاذها لضمان تعيين معلمين ذوي كفاءة عالية وضمان استدامة ممارستهم للمهنة؟ كيف يُمكن ترسيخ واستدامة مفهوم "التعلم المستمر مدى الحياة" بين المعلمين؟ ما الذي يحتاجه المعلمون في عملية التنمية المستدامة؟ وكيف تعاملت الدول الأفضل تعليما في العالم مع قضايا التدريب والتثقيف المستدام للمعلم؟ وإلى أي مدى يمكن لوزارة التربية والتعليم إيجاد ثقافة الاستدامة لدى معلميها، للوصول إلى تحقيق الجودة في الأداء خاصة مع التطوير النوعي في الهيكل التنظيمي للوزارة؟لقد ساهمت عمليات التطوير والتجديد الحاصلة في منظومة التعليم بالسلطنة، في إيجاد توجهات نوعية في التعليم والتدريب والتثقيف المستدام لجميع العاملين في التعليم وبخاصة المعلم، مما يعني أن على مؤسسات الإعداد بالسلطنة أن تتسع رؤيتها للوصول إلى توافق نوعي بين مخرجاتها من المعلمين وبين عمليات التطوير الحاصلة في التدريس والمناهج الدراسية وبيئة التعليم والتعلم، وأن تجند طاقاتها للتعامل مع هذه المتغيرات النوعية ودراستها بعمق وتضمينها فلسفة وبرامج والمساقات الدراسية التي يدرسها المعلم في مؤسسات الإعداد الأكاديمي، بحيث يتم تقييمها وفقا لمدى قدرة مخرجات المعلمين في التعامل والتكيف مع التغيرات والتحديات التي تحصل في البيئة التعليمية وبيئة الفصل الدراسي؛ فعلى سبيل المثال هناك العديد من التطورات التي يفترض من مؤسسات الإعداد بالسلطنة أن تكون على وعي بها، لكونها تشكل أولويات تطلبتها خطط التطوير بالوزارة، ومن بينها، نذكر توجه الوزارة نحو وضع معايير لاختيار المعلمين وفق أسس معينة خاصة في بعض المواد التي يزيد فيها عدد الخريجين، وخطة الوزارة في التعامل مع مخرجات اللغة الإنجليزية من المعلمين، والدور المطلوب من المعلم العماني في التعامل مع مخرجات التعليم ما بعد الأساسي، ومدى معرفة المعلم العماني وانسجامه وقناعته بمتطلبات التطوير التربوي المتجددة التي تشهدها الوزارة يوما بعد يوم، والتحديث في المناهج الدراسية وضرورة فهم المعلم لمقتضياتها ومتطلباتها، ودور المعلم في الوعي أو التعامل مع فلسفة التقويم المستمر التي تنتهجها الوزارة، ومدى إلمام المعلم العماني بثقافة البحث العلمي التربوي، ومدى قدرة مؤسسات التعليم العالي على تعزيز دافعية المعلم نحو التدريس في ظل الضغوطات التي يواجهها المعلم، والدور الجديد المتغير للمعلم في ظل إدخال قضايا التنوع الثقافي وثقافة الحوار وثقافة البحث والتعامل مع المفاهيم الدولية المختلفة كالتربية المواطنية وغيرها، ومدى قدرة مؤسسات الإعداد في تعزيز دور المعلم في تنمية وتعزيز القيم والسلوك الإيجابي، ومدى قدرتها على غرس مفهوم التعليم المستمر والتثقيف المستدام في سلوك المعلم اليومي، وتعزيز قدرة المعلم على التعامل والتكيف مع الواقع التعليمي، وتعزيز ثقته بنفسه، وتغيير قناعاته، وتعزيز إرادة الوعي لديه بما يمكنه من فهم ذاته والآخر.