على الرغم من الاهتمام المتزايد بالمشاركة في التعليم من قبل جميع الأطراف المعنية بالعملية التعليمية ومن بينهم أولياء الأمور، والدراسات التي تناولت مفهوم المشاركة وأبعادها والعوامل المؤثرة فيها ودورها في حل بعض المشكلات التي يواجهها التعليم، والاهتمام الكبير الذي توليه مؤسسات التعليم في رؤيتها لأثر مشاركة أولياء الأمور في العملية التعليمية التعلمية من أجل تحقيق مصلحة الأبناء وزيادة فاعلية هذه المشاركة من خلال التوجهات النوعية للنظام التعليمي في إشراك أولياء الأمور في تعلم أبنائهم من خلال التوجيه المهني والتقويم التربوي وغيره.فإن الأمر لا يخلو من وجود وجهات نظر كثيرة وحوارات متعددة حول مفهوم هذه المشاركة المطلوبة من أولياء الأمور وأبعادها وحدودها، وفيم هي، وكيف تتم؟ وتثار حول مفهوم هذه المشاركة الكثير من التساؤلات المتعمقة لمضمون ومحتوى هذه المشاركة، وإلى أي مدى يعطي واقع المشاركة الحالية تفاؤلا حول جدية أولياء الأمور وقدرتهم على تحقيق تكامل نوعي مع المدرسة في جهودها؟ والواقع الحالي لدور أولياء الأمور في العملية التعليمية؟ وتأتي التساؤلات التالية كمحددات عامة يمكن في ضوئها الوصول إلى بعض الحوارات أو وجهات النظر التي يظهر لنا من خلالها إلى أي مدى يمكن أن نعطي موضوع المشاركة المتعمقة أولوية أو مساحة واسعة في كتاباتنا ورؤيتنا لمشاركة ولي الأمر في العملية التعليمية، فما الحدود المسموحة لولي الأمر للمشاركة في عملية التعليم والتعلم؟، وهل تقتصر عملية المشاركة على المتابعة المستمرة لأولياء الأمور لتعلم أبنائهم وتواصلهم مع المدرسة وتوفير البيئة المنزلية المناسبة لتعلم أبنائهم وتواصل أولياء الأمور مع المدرسة وحضور مجالس الآباء والمعلمين، والمشاركة في حل بعض المشكلات السلوكية التي تحصل من بعض الطلاب في المدارس؟ أم أن عملية المشاركة تشمل كذلك إشراك أولياء الأمور في رسم السياسات التعليمية على مختلف المستويات والمشاركة في صنع القرار التربوي؟ وهل تعني المشاركة أن أتيح لولي الأمر أن يتخذ قرار فيما يخص المدرسة إذا ما علمنا بأن هناك الكثير من العادات والتركيبة الاجتماعية القبلية في المجتمع العماني قد يكون لها تأثيرها في ذلك؟" ما مدى ثقة ولي الأمر في المعلم العماني؟ وإلى أي مدى يعطي ولي الأمر ثقته في المؤسسة التربوية؟ وماذا تعني النظرة المتدنية من قبل بعض أولياء الأمور للمعلم العماني ودوره؟ ماذا يعني ما يتعرض له المعلم من بعض أولياء الأمور في بعض المناطق التعليمية من تصرفات في مقاضاة المعلم أمام الأجهزة الأمنية والمحاكم الشرعية؟ وهل ولي الأمر جاد في المشاركة من أجل تكامل الجهود وتعزيز الرؤى؟ لماذا يحمّل أولياء الأمور المدرسة أكثر من طاقتها؟ ماذا يعني تهجم بعض أولياء الأمور على المعلمين في الصفوف الدراسية بمجرد سوء تفاهم بسيط حصل بين الطالب والمعلم؟ إن بعض الكتاب - وللأسف الشديد لديه كثير من التفاؤل في قضية المشاركة- وأقصد بها هنا مشاركة ولي الأمر في اتخاذ القرار التربوي ورسم السياسة التعليمية على المستوى الوطني-، ويتعامل معها على أنها من الأولويات التي على منظومة التعليم أن تتعامل معها بكل شفافية، مستندين إلى توصيات البحوث والدراسات التي لا تتعدى الجانب التنظيري؛ متناسين إلى حد بعيد أثر الثقافة والقيم والعادات والتقاليد السائد في المجتمع العماني في الحسبان، وكأن الأمر مجرد عبارات رنانة يمكن أن تطبق في واقع أي مجتمع. إن من الحكمة بمكان عند طرح هذه القضايا في بيئتنا وثقافتنا العمانية أن نراعي مدى إمكانية التطبيق ومدى توفير المناخ والثقافة المناسبة والكفاءات الواعية لمثل ذلك؟ إن ما يحدد هذه الجوانب من تلك هو إلى أي مدى يمكن أن تسهم الثقافة السائدة في المجتمع عامة ولدى أولياء الأمور خاصة في تحقيق فاعلية هذه المشاركة؟ وإلى أي مدى يمكن أن تحقق هذه المشاركة أهداف وغايات وزارة التربية والتعليم؟ وهل هذه الشراكة المقصودة تتماشى مع أهداف وغايات الدولة من التعليم باعتباره يشكل بعدا أمنيا وطنيا وطريقا نحو التنمية المستدامة. لننزل إلى الواقع الممارس من قبل ولي الأمر في المدارس، ماذا نجد؟لعل الجميع يتفق معي بأن القلة القليلة من أولياء الأمور من يصلون إلى المدرسة ويسألون عن أبنائهم، القلة القليلة من تتابع أبنائها، وتستجيب لنداءات المدرسة بزيارتها؟، غالبا ما يلقي ولي الأمر فشل ابنه/ابنته في نهاية العام الدراسي على المدرسة، دون أن ينسب لنفسه عدم اهتمامه بابنه؟ في الغالب الأعم لا يأتي ولي الأمر للمدرسة إلا إذا كان يريد البلاغ عن معلم بأنه ضرب ابنه أو... أو... ؟، ما رأيكم في ولي الأمر يأتي للمدرسة يتهجم على المعلم وإدارة المدرسة لسبب قد لا تكون له علاقة بالمدرسة؟ لماذا يتصرف الكثير من أولياء الأمور بأساليب غير تربوية بمجرد أنه سمع من ابنه حديثا حول معلم ما؟ هل ولي الأمر يحترم المعلم العماني مثل ما كان آباءنا يحترمون المعلمين الوافدين؟ لماذا يتحامل بعض أولياء الأمور على المعلمين لأسباب شخصية، ويحاولون بكل الوسائل إبعادهم من هذه المدرسة أو تلك؟ ماذا يحدث في مجالس الآباء والأمهات؟ ومن الذين يحضرون؟ كيف ينظر ولي الأمر لعمليات التطوير الحاصلة في المنظومة التعليمية؟ هل يوجد لدى أولياء الأمور الفقه التربوي المناسب لإشراكهم في اتخاذ القرار ورسم السياسة التربوية؟ إذا كانت المشاركة المتوقعة تؤدي إلى الضرر فنقول بلى من هذه المشاركة، فلا ضرر ولا ضرار؟ هل ولي الأمر على وعي باستراتيجيات التنمية المستدامة التي تتبناها مؤسسات الدولة؟ إن المتتبع لتوجهات الوزارة في السنوات الأخيرة يلحظ بوضوح إلى أي مدى استطاعت الوزارة أن تشرك قطاعات المجتمع المختلفة في خطط التطوير التربوي، وإلى أي مدى استطاعت الوزارة أن تجعل من عملية المشاركة المجتمعية في التعليم واقعا ملموسا، لهذا فإن النموذج الذي اعتمدته الوزارة في إدارة عملية التطوير يركز على الأهمية القصوى لتعاونها بشكل وثيق مع جميع الشركاء (الأطراف الرئيسة والمعنيين بالتعليم وتطويره) على تلقي دعمهم ومساندتهم في عمليات التطوير التربوي التي تضطلع بتنفيذها؛ وتتمثل هذه الأطراف في الطلاب وأولياء الأمور والهيئة التدريسية والإدارية والوظائف الإشرافية المرتبطة بها، ومؤسسات التعليم العالي والجامعات ومؤسسات القطاع الحكومي والقطاع الخاص ممن يمثلون سوق العمل في السلطنة ويتم التعاون بين الوزارة وهذه الأطراف عبر عملية التواصل وتبادل المعلومات بحيث تعمل في اتجاهين: تقدم الوزارة المعلومات إلى الجهات المعنية حول مشروعات التطوير التربوي وتتلقى منهم النصح والمشورة والتغذية الراجعة، وفي هذا المجال ركزت الوزارة على مجالين رئيسين حيث قامت أولا بإطلاق حملة إعلامية حول مشروعات التطوير، اشتملت الحملة على استخدام النشرات التعريفية والبرامج الإذاعية والتلفزيونية والمقالات في الصحف حول موضوعات متنوعة خاصة بمشروعات التطوير، أما المجال الثاني فيتمثل في إصدار عدد من الأدلة التوجيهية والوثائق المعلوماتية التي تم توزيعها على المدارس وأولياء الأمور؛ وقد أتاح هذا التواصل الفرصة للوزارة لإيصال التوجيهات الهامة مع جميع الأطراف المعنية بالتطوير التربوي وإدخال كثير من التحسينات والتعديلات قبل تطبيق أي مشروع أو برنامج تربوي بناء على الرجع الذي تتلقاه الوزارة من كافة الشركاء في العمل التربوي. وقد ترجمت هذه المشاركة من خلال رغبة الوزارة في التعرف على رؤية أولياء الأمور في المناطق التعليمية حول تجديد وتطوير التعليم ما بعد الأساسي، حيث كان للندوة الوطنية حول تطوير التعليم الثانوي ( للصفين 11، 12) والتي عقدت في 1-3 إبريل 2002م وما تبعها من ندوات ومؤتمرات ومنها المؤتمر الدولي حول تطوير التعليم ما بعد الأساسي عام 2002م، بمثابة تحد حاسم، استطاعت من خلاله الوزارة أن تثبت منهجيتها في الأخذ بالرأي والرأي الآخر، وهذه الرؤى التي نتجت عن هذه الندوات تعتبر مؤشرات لتطوير الخطة الدراسية للصفين (11، 12)، كل ذلك بهدف إتاحة فرصة المشاركة للجميع لكي يبدوا أرائهم ويعبروا عن احتياجاتهم. وتعزيزا لمفهوم المشاركة من أجل التكامل أيضا؛ فقد عملت الوزارة إلى إصدار أدلة إرشادية وتوجيهية لولي الأمر حول طبيعة مشاركته في العملية التعليمية عامة ودوره في دعم جهود المدرسة والمعلمين في النهوض بمستويات الطلاب التحصيلية وتعزيز جانب القيم والسلوك الإيجابي لديهم، وإعدادهم الإعداد المناسب لتحمل متطلبات الحاضر والتكيف مع المستقبل، ومن بين هذه الإصدارات مثلا، دليل ولي الأمر في الخيارات الدراسية للطالب " كيف أخطط مستقبلي"، ودليل ولي الأمر في التقويم التربوي للطالب، وتعاون ولي الأمر مع أخصائي التوجيه المهني في توجيه مسارات الطلاب حسب رغباتهم، وغيرها من الأدلة التي تهدف إلى إشراك ولي الأمر في تعلم الطلاب. والسؤال الذي يطرح نفسه هل المشاركة المقصودة هي أن تتعدى مشاركة أولياء الأمور إلى مرحلة متقدمة من حيث، إشراكهم في اختيار وتطوير المناهج الدراسية، هل في وضع الخطط الدراسية، هل في التشريعات والأنظمة والقوانين؟ هل في البرنامج التعليمي؟ هل المشاركة في اختيار المعلمين لمهنة التدريس أو اختيار الكادر الإداري للمدرسة؟ هل في تحديد الأنشطة المناسبة للطلاب؟ قد يقول قائل بأن هذا هو المفهوم المطبق للمشاركة في بعض الدول الأجنبية، وهنا نتساءل هل ولي الأمر في مجتمعنا مرشح فعلا لخوض هذه التجارب ويستطيع أن يحقق طموحات الوزارة نحو الارتقاء بالتعليم وتطويره؟ ولنسلم جدلا بأن قضية مشاركة أولياء الأمور تعتبر من القضايا الحساسة والمهمة، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه، هل يمتلك ولي الأمر الثقافة والوعي بما يؤهله لاتخاذ القرار التربوي ورسم سياسات التعليم؟ أم أن المراد بالمشاركة هنا أن يعي ولي الأمر وتتولد لديه القناعة والرغبة في دعم جهود الوزارة أو المؤسسات التعليمية بشكل عام في مساندة جهود التطوير والوقوف معها، وعدم الوقوف موقف المقاوم للتطوير، هل المراد منها أن يكون ولي الأمر على علم بما يجري في الساحة التربوية ويتخذ منها موقف إيجابي من خلال تعزيز دوره في متابعة ابنه تحصيليا وسلوكيا، ومساندة المدارس في جهودها ومبادراتها، وتقديم الدعم المادي والمعنوي لها، بحيث يكون ولي الأمر على صلة مباشرة مدعومة بقناعة ذاتية تامة بتوجهات التطوير التربوي بالوزارة؟ مما سبق ينبغي أن ندرك أن رغبتنا الحقيقية في إيجاد شراكة فعلية لأولياء الأمور في تطوير العملية التعليمية التعلمية بالمدارس تتطلب تكثيف الجهود وتقديم المبادرات العملية لتحقيق هذه الشراكة، وفي نفس الوقت ينبغي أن ندرك أن مسألة المشاركة ليست سهله؛ وإنما تحتاج إلى التخطيط الدقيق لها ودراسة الناتج المتوقع من هذه المشاركة، وبالإضافة إلى ذلك يتطلب الأمر المعرفة والفهم الواعي واستشعار الجدية والإصرار ووضع الأنظمة والتشريعات والإجراءات من أجل تنظيم وتنسيق الجهود؛ وباختصار فإن هذه المشاركة تتطلب ضرورة وجود تنسيق وتكامل بين المؤسسات التعليمية والمؤسسات الأهلية في المجتمع، بحيث توجه جهود أولياء الأمور والمدرسة بشكل متكامل لخدمة المتعلمين والارتقاء بمستوياتهم. فهل يظهر أولياء الأمور اهتماما بالتعليم والتعلم؟ من حيث تشجيع أبنائهم على مواصلة الدراسة وتحفيزهم لذلك ماديا ومعنويا؟ وهل يسأل أولياء الأمور أبنائهم عن المدرسة ويومهم الدراسي ووضعهم بالمدرسة؟ وهل يطلّع أولياء الأمور على الواجب البيتي لأبنائهم؟ وهل يقدمون لهم المساعدة في ذلك وما نوع هذه المساعدة؟ هل يوّفر أولياء الأمور مناخ التعلم والدراسة في البيت لأبنائهم بما يشجعهم على الجد والمثابرة؟ هل يتابع أولياء الأمور التحصيل الدراسي لأبنائهم؟ ما توقعات أولياء الأمور من أبنائهم، وماذا يتوقعون من المدرسة أن تقدم لأبنائهم؟ هل حدد أولياء الأمور نوع المشاركة التي يمكنهم تقديمها في سبيل تقدم أبنائهم ؟ من هنا تأتي الحاجة إلى فهم أعمق وأشمل لشراكة أولياء الأمور في التعليم ومستويات هذه المشاركة مراعية منظومة القيم والثقافة والأعراف السائدة في المجتمع وخصوصياته التي قد تؤثر على هذه المشاركة من قريب أو بعيد ، وبالتالي فإن الأمر يتطلب تفهم أعمق لصور هذه المشاركة وأساليبها وحدودها وضوابطها وآلياتها ومستوياتها بحيث يكون سعيها نحو تحقيق الأهداف والوصول إلى الغايات التي تسعى الوزارة نحو تحقيقها، وأن لا ننساق إلى ما يكتب في هذا المجال على أنه هو الصواب وهو الذي ينبغي أن يكون في مجتمعنا العماني فقد لا يتوافق مع ما تشير إليه الأدبيات والدراسات من مثاليات مع أولوياتنا واهتماماتنا؛ ، لهذا فمدارسنا بحاجة إلى ولي الأمر الذي يقدم الرؤى المستقبلية والمبادرات النوعية والبدائل والخيارات التي من شأنها تطوير التعليم، والارتقاء بالعمل التربوي ولعل من المناسب أولا أن يثبت ولي الأمر ثقته بالمؤسسة التعليمية والمدرسية والمعلم العماني والمدير والمنهج، وأن يثبت للآخرين ثقته في توجهاته وأسلوبه وقدرته على التعامل مع قضايا العمل التربوية بطريقة تعتمد الدراسة والتعمق بحيث يصبح النقد الهادف البنّاء المدعم باقتراح الخيارات والبدائل هو المنهج الذي يمكن أن تبنى عليه عملية التطوير التربوي، وأن يتولد لديه الوعي والقناعة والاعتراف بالجهود التي تقوم به الوزارة في المشاركة المأمولة في تطوير العمل التربوي، وأن يعترف بالجهود المبذولة من كافة مؤسسات الدولة ومنها المؤسسات التعليمية والتدريبية المختلفة في سبيل تحقيق التكامل النوعي في تطوير التعليم؛ وبعدها يمكن لولي الأمر أن يطالب بمشاركة أعمق تمتد إلى مدخلات وعمليات العملية التعليمية وإلى تقويم مخرجاتها نحن إذاً مع المشاركة الفاعلة لأولياء الأمور في العملية التعليمية بدءا من مدخلاتها مرورا بعملياتها وانتهاء بتقويم مخرجاتها، غير أن هذه المشاركة ينبغي أن تبنى على وعي ودراية وقناعة؛ لذلك أعتقد بأنه ينبغي أن ينظر في عملية طرح نوعية مشاركة أولياء الأمور في التعليم في إطار الواقع الاجتماعي والثقافي للمجتمع العماني، وفي إطار الواقع المعايش، حتى لا تصبح تلكم التوجهات التي يطرحها بعض الباحثين والكتاب حول مفهوم الشراكة من أجل تكامل الجهود، مجرد أراء تحلق في عالم المثاليات ولا يتاح لها أن تصلها بأرض الواقع.
من أجل تحول وطني في مفهوم المواءمة بين التعليم وسوق العمل
من أجل تحول وطني في مفهوم المواءمة بين التعليم وسوق العمل؟
ماذا يريد القطاع الخاص من التعليم؟
وكيف يمكن لنظام التعليم أن يلبي احتياجات سوق العمل الوطني؟
وهل سيعمل مجلس التعليم على سد الفجوة الحاصلة في مفهوم المواءمة؟
د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
10- 12- 2012م
Rajab.2020@hotmail.com
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يثير موضوع ربط مخرجات التعليم بمتطلبات سوق العمل تساؤلات عدة واستفسارات متنوعة تشوبها علامات التعجب والاستغراب والإنكار تارة والقناعة بأن ما أنجز على المستوى المؤسسي هو الحد المقبول وأن ما يتم في هذا الموضوع من ممارسة كاف تارة أخرى، في ظل عمل ما زال لم يتحول من مرحلة الاجتهاد الفردي المؤسسي، وفي هذا الاطار تظهر على السطح مجموعة من النقاط التي يفترض أن تكون بمثابة المدخل عند التطرق لموضوع المواءمة والإجابة عن التساؤلات التي طالما تتكرر على ألسنة القائمين على مؤسسات التعليم أو حتى توصيات البحوث والدراسات والتي لم تستطع إلى اللحظة إيجاد معالجة متوازنة واقعية مستدامة في الخروج من أزمة عدم المواءمة والوصول إلى مرحلة المواءمة المنشودة ، فما الذي يريده القطاع الخاص من التعليم؟، وهل لدى القطاع الخاص منظومة كفايات محددة يطلب من التعليم العمل بها؟ هذا في مقابل الأسئلة التي تتردد على ألسنه القائمين على القطاع الخاص بأن مخرجات التعليم غير قادرة على تلبية طموحات القطاع الخاص وتتسم بالجمود وعدم القدرة على التفاعل مع مستجداته، في حين ان الاجابة عن هذا التساؤل الأخير تكمن في السؤالين المطروحين سابقا؟ هذه الأسئلة وغيرها تتكرر وتعاد صياغتها بأساليب مختلفة لكنها تتمحور حول فكرة واحدة تشير بوضوح إلى أن الجميع يفتقدون إلى مؤشرات دقيقة واضحة في رصد فعل المواءمة ، وفي فهم متطلباتها، وفي قياس نواتج تحققها من عدمه والسبب في ذلك يكمن في أن القراءات كلها إنما تعطي مؤشرات تقريبية، وليست احتياجات دقيقة مشفوعة بالأرقام والإحصاءات، هذه النقاشات والمجادلات والمزايدات والمغالطات- ان صح التعبير تسميتها-عندما تقتصر على مجرد اتباع سياسة الكيل بمكيالين ولم يكن همها ايجاد مخرج من الأزمة أو الوصول إلى رؤية مشتركة تجمع جميع الأطراف ذات العلاقة على طاولة واحدة يتداول فيها الحديث عن كل حيثيات الموضوع للوصول الى حلول أو بريق أمل يخرج الموضوع الى حيز الفعل الوطني المشترك المستفيد من كل الفرص المتاحة والدعم الحكومي المعزز بالإرادة السامية لمولانا جلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه في اهمية تقديم معالجة شاملة نوعية للموضوع تراعي جميع المتغيرات وتستشرف مستقبل الوطن ، كون أنه من أولويات المرحلة الحالية التي تمر بها السلطنة والمرحلة القادمة التي تستشرفها من خلال مراجعة سياسات التعليم وخططه وبرامجه وتطويرها بما يواكب المتغيرات،
إن الوصول إلى تحقيق الرؤية الطموحة من عملية المواءمة تتطلب نوعية جديدة من المعالجة تؤكد قبل كل شيء على أهمية قناعة الجميع بأن ما يتم تقديمه حاليا في هذا المجال إنما يأت كاجتهادات تقوم بها المؤسسات في إطار رؤيتها لمسؤوليتها الوطنية ، وبالتالي قد تفتقد أو تبتعد عن الممارسة الحقيقة للمواءمة، وفي الوقت نفسه أن يدرك الجميع الحاجة إلى فعل مشترك يؤطر ضمن استراتيجية وطنية ترسم الطريق للمواءمة وتؤصل لدى المؤسسات الثلاث ( التعليم المدرسي والتعليم العالي، وسوق العمل( القطاع الخاص) أهمية العمل من أجل تحقيق المواءمة، هذا بلا شك يدعونا قبل الدخول في خضم نقاشات هذا الموضوع أن نعي الطبيعة المتغيرة التي يستدعي المفهوم العمل في ظلها، فهي بمثابة محاور يستند إليها في أي مناقشة لموضوع المواءمة، وبالتالي فإن فهمنا لها هو دليل قناعتنا بما يمكن أن ينتج عن هذه المناقشات والتساؤلات من جهد وطني مشترك، وتتمثل في الآتي:
• الطبيعة المتغيرة لسوق العمل واتسامه بالديناميكية وسرعة التحول فما هو مقبول من تخصصات اليوم قد لا تكون له تلك الاهمية في سنوات قليلة قادمة .
• التحول النوعي في طبيعة المهارات المطلوبة بما يتواكب مع مهارات سوق العمل العالمية.
• وجود تغيير مستمر في احتياجات سوق العمل بتغيير السياسات والتوجهات الوطنية والمؤسسية، وبالتالي عدم وجود مؤشرات واضحة في العمل حول السقف من المهارات والنواتج التي تتوفر لدى الخريج في التعليم المدرسي خاصة.
• السياسة العامة للدولة وما تريده من التعليم، والشكل الناتج المتوقع منه.
• فلسفة التعليم وحدود عملها ومستوى المعالجة المطروحة لمحتواها النظري والفهم المتحقق لدى الآخر بشأنها، هذا بالإضافة إلى أن فلسفة التعليم بالسلطنة والإطار النظري العام الذي بنيت إليه يشير بوضوح إلى أن من بين غايات التعليم هو اكساب المتعلم مهارات العمل وقيمه، وليست المراد هنا مهارات تخصصية بل هي مهارات أساسية مرنة لا تتجاوز طبيعة المرحلة التعليمية ونوعية التعليم والذي يؤطر في حدود مناهجه ومادته ومحتواه وطبيعة الطالب في مرحلة التعليم المدرسي ، وهنا توجه الأنظار إلى التعليم العالي الذي يفترض أنه يعد الطالب لتخصصات محددة في القطاع الخاص أو سوق العمل
• التنوع في طبيعة عمل مؤسسات وشركات القطاع الخاص ذاتها.
• هل دور مؤسسات التعليم اعداد متعلم جاهز وذو قالب واحد محدد يلبي كل طموحات ومؤسسات القطاع الخاص؟
• نوعية السوق المحلي ذاته وقدرته على تلمس احتياجاته ذاتيا،
• مدى قدرة السوق المحلي على امتلاك خاصية استشراف المستقبل،
• هل توجد رؤية واضحة وموحدة بالقطاع الخاص حول ما يريده من التعليم؟ وهو ما يعني مدى امتلاك القطاع الخاص لرؤية واضحة مقننة متفق عليها بين جميع مؤسسات القطاع الخاص والشركات في سقف معين تريده من التعليم
• إن سوق العمل ما يزال غير مستوعب لخريجي بعض التخصصات النوعية في مؤسسات التعليم العالي، والدليل على ذلك أن الكثير من التخصصات النوعية التي ادركت مؤسسات التعليم العالي قيمتها وأهميتها على المستوى الوطني لم يستطع سوق العمل استقبال خريجيها لذلك اتجهوا لأعمال ومهام أخرى قد لا ترتبط بتخصصهم، لعدم وجود الميدان الحقيقي الذي يمكن أن تعمل فيه هذه الكفاءات.
• موضوع المواءمة الحاصلة هو أقرب للاجتهاد المؤسسي فلكل المؤسسة اجتهادات في فهمها للموضوع وتقديرها للوضع والإطار الذي تعمل فيه لتحقيق المواءمة. وهو ما يجعل في المقابل مؤسسات التعليم تثق بأن ما تقدمه في ظل عدم وجود رؤية واضحة معتمدة من سوق العمل هو كاف ويحقق الغرض من التعليم ويؤكد على سلامة النهج الذي انتهجته، كون مؤسسات سوق العمل لم تحدد المهارات التي تريد وهي تختلف من مؤسسة لأخرى وفي قطاعات متنوعة بسوق العمل الوطني
• امكانية وجود نقاط مشتركة يمكن الاستفادة منها في الجانبين للوصول إلى رؤية موحدة وطنية في ايجاد مواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل.
• إن فهم عملية المواءمة وتحقيق متطلباتها يستدعي النظر في مجموعة من الأمور من بينها السياسة العامة للدولة في التعليم وما تريده من التعليم، هل تريد أن تكون دولة سياحية أم تجارية، أم صناعية، وما نوع الصناعات هل ثقيله أم متوسط الخ، هذا بلا شك سيكون محدد عام يضع سياسات التعليم في إطار محدد وبالتالي هو أمر قد لا يكون لمؤسسات التعليم علاقة به بقدر ما هو رؤية عامة لسياسة الدولة وتوجهاتها المستقبلية،
• إن مما ينبغي الاشارة إليه هو أن السائد في العالم المتقدم كله هو أن التعليم المدرسي خاصة لا يعد الطالب لمهارات تخصصية ، بل مهارات الحياة المرنة، كما أن توفير شخص جاهز بكل المواصفات لا يمكن لمؤسسة معينة لوحدها تحقيقه بل هو عمل وطني مشترك تتفاعل فيه جهود كل المؤسسات المعنية ببناء الإنسان وصقل مهاراته، وما أشار إليه تقرير اللجنة الدولية لتطوير التعليم من مهارات اربع إنما يمهد لمرحلة التفاعلية في البناء المؤسسي ويؤصل لثقافة التكامل وتقاسم المسؤوليات بين المؤسسات في اعداد المتعلم لمهارات الحياة المختلفة.
من هنا تأت أهمية النظرة الشمولية المتسعة عند أي معالجة تتناول موضوع المواءمة، بحيث تضع في أجندتها القدرة على الاجابة عن كل التساؤلات المطروحة من قبل كل الأطراف، مشفوعة بالمعايير والمؤشرات والخطط والبرامج والأدلة ونواتج العمل والإحصائيات والأرقام والتي بلا شك تضع أطراف العمل الثلاث في مرحلة تحول جديدة تتطلب منها المزيد من التنسيق والتكامل والتفاعل والترابط وإيجاد أدوات قياس محددة وواضحة ومعايير أداء مقننه وإطار عمل محدد في إطار وطني يستشرف مستقبل المواءمة التعليمية ويضع مؤسسات التعليم العالي والتعليم المدرسي والقطاع الخاص الذي يمثل سوق العمل أمام مرحلة مهمة تضع في اولوياتها مراجعة شاملة لكل السياسات والخطط والبرامج ليست فقط على مستوى مؤسسات التعليم بل أيضا على مستوى منظومة القطاع الخاص بالسلطنة ليصل إلى مرحلة تتأكد فيها ثقة الإنسان العماني بما يمكن أن يؤديه القطاع الخاص من دور من أجل الإنسان، وثقة الحكومة بقدرة القطاع الخاص على الوفاء بتعهداته والالتزام بمسؤولياته التي تطلبتها مراحل التنمية باعتباره الشريك للحكومة في احداث التحول النوعي .
إن هذا التوجه يتطلب بلا شك أن تضع مؤسسات التعليم لنفسها معايير أداء محددة، ورؤى واضحة وهي بذلك تطرح لتحول نوعي يستشرف مرحلة جديدة من العمل التنموي المشترك الذي يفترض أن تنتهج فيه المؤسسات نهج أخرى تؤكد على الشراكة والحوار ووضوح الرؤية وبناء المعايير والشفافية والصراحة المؤسسية ، وبالتالي تتحول الثقافة السائدة من ثقافة الكيل بمكيالين ورمي التهم على الآخر، والتقليل مما يقدمه الآخر من جهود ومبادرات، إلى مرحلة العمل الوطني المسؤول الذي يعمل على انجاز متحقق ، وهي في الوقت ذاته فرصة لصياغة واقع جديد يبني على النقاط المشتركة وينطلق من مؤشرات عمل محددة تتفاعل في إطارها جوانب العمل الثلاث، وتنطلق من الحرص على صياغة رؤية وطنية مشتركة واضحة في هذا الموضوع تنقل مرحلة المواءمة من التنظير إلى الفعل الذي يظهر على شكل برامج وخطط وتوجهات ومشاريع ومبادرات ونماذج عمل محددة، وبالتالي لا بد من وجود صورة واضحة للمخرج من ازمة المواءمة التي تثار بشكل مستمر دون وجود رؤية واضحة تحتويها او تترجم عملها،
وعلى هذا فإن بناء رؤية واضح للقضية يخرج موضوع المواءمة من أروقة المجادلات والمناقشات القاصرة عن بلوغ الغاية وتحقيق الطموح والتي لا يتجاوز مرحلة الاتهام واثبات الذات والتنكر للأخر بما يقدمه مع أنها جميعا لا تخرج جميعها من دائرة الاجتهاد المؤسسي وتقدير كل مؤسسة للوضع والمجال الذي تعمل فيه طالما لا يوجد اتفاق وطني مؤسسي على نوعية الخريج المطلوب، هو طرح هذا الموضوع في سياق وطني على شكل ندوات ولقاءات نوعية متخصصة تجمع القائمين على هذه المؤسسات بهدف الوصول إلى رؤية وطنية موحدة تعالج موضوع المواءمة في إطار السياسة العامة للدولة وتضع مؤسسات التعليم أمام واقع فعلي يعزز من مسؤولياتها في المراجعة الشاملة لسياستها وخططها وبرامجها بما يقرب صلتها من تحقيق رؤية المواءمة المطلوبة التي يستشرفها الوطن، ويضع مؤسسات القطاع الخاص أمام مسؤوليتها الحقيقية التي تتجاوز تكهناتها في ما يقدمه التعليم من مخرجات وانطباعها القاصر عن الاثبات بالدليل والشواهد، وبالتالي دعوتها في مراجعة شاملة أيضا لسياستها وخطط وبرامجها وتشريعاتها والتزاماتها وقدرتها على احتواء الكفاءات الوطنية ، وهو ما يمكن أن يضعها امام واقع لا مجال لتجاوزه بحجج غير مقنعه، وبالتالي فهي رؤية لبناء عمل مؤسسي يتفق الجميع عليه يمكن للمؤسسات السير عليه والأخذ به، هذا الأمر أيضا يدعو مجلس التعليم إلى تبني آليات واضحة في رؤية المواءمة وإيجاد نسق محدد من الفعل الوطني القائم على التنسيق والتكامل بين مؤسسات التعليم وسوق العمل، فهل سنجد من يسعى لمبادرة وطنية بشأن المواءمة؟ هذا ما نأمله.
وإلى لقاء آخر
الموضوع هادف وله محاور لابد من النظر اليها بعين الاعتبار
, مع تطور المجتمع اصبح المعلم محور التمركز المستهدف من قبل ولي الأمر والسبب في ذلك ربما يكون في توجه اولياء الأمور الى أعمالهم ووظائفهم, يشترك في ذلك كلا من الأب والام وبالتالي يتجه اعتمادهم بشكل كامل نحو المعلم اذا ما حدث اي خطأ, لأن كلا منهما منشغل في عمله وقد ترك ابنه او ابنته ليعتمد اعتمادا كاملا على المعلم دون تقديم مساندة وبالتالي يقع العبئ الاكبر على المعلم ولا أقصد بأن كل أولياء الأمور يتبعون هذا الأسلوب, ولكنني أشكر كل ولي أمر يعتني بابنه وابنته ويحثهم على التعلم واشكر كل معلم يقف ساعات على قدميه واعياه التعب وتفطرت قدماه لبناء جيل كامل سيظل يذكره طالما عاش.
كل معلم هو ولي أمر وكل ولي أمر اعتبره معلم لأن كل منهما يؤدي نفس الدور ولكن باسم مختلف.
العلم سلاح البشر
المقالة طويلة جدا
ولكن لا يصح تسميتها مقالة لانها تحتوي على اسئلة واجوبة ومكتوبة باسلوب صعب قليلا
ييجب ان يكون بسيط
العلم سلاح يوصلنا لتحقيق اهدافنا المميزه التي يستفيد منها الآخرون