المعلم والعَودُ أحمد...........؟
" مراجعة الذات وتقويم الممارسات لبداية عام دراسي طموح":
يبدأ دوام الهيئة التدريسية والإدارية والوظائف المصاحبة لها للعام الدراسي 2009/ 2010، قبل أسبوعين تقريبا من بدء دوام الطلبة، أتمنى أن يكون عام خير وسعد للأسرة التربوية، فهنيئا لأولئك الجنود المجندة التي تحمل رسالة التعليم تحمل رسالة الوطن والنهضة والتطوير إلى الأجيال الواعدة، يبدأ دوام الهيئة التدريسية وكلنا أمل لوقفة صادقة مع النفس بين أداء سابق ومرحلة سابقة وبين مرحلة جديدة تحمل في جنباتها اهتمامات جديدة وخطط تطويرية جديدة واتجاهات وتغيرات جديدة في الفكر التربوي ،،، وطالما أن التجديد والتطور سمة العمل التربوي فإن الرغبة في التجديد وغرس ثقافة التطوير ينبغي أن تكون سمة المعلم فهو سر نجاح التطوير والتجديد ،،، نترقب العام الدراسي الجديد وكلنا أمل في أن تكون هناك مراجعة للذات من قبل معلمينا مراجعة صريحة للأداء والانجازات والاهتمامات وتقييم مستمر يتواكب ومتطلبات الوقت وينسجم واتجاهات التطوير التربوي وخطط وزارة التربية والتعليم ،،، وأن يكون الأسبوعين اللذين يسبقان بدء دوام الطلاب منطلقا للتجديد والحوار التربوي، بما يسهم في ترجمة تلكم الرؤى والأفكار والمبادرات إلى خطط إجرائية عملية في إطار من الحوار التربوي المشترك داخل المدرسة، فهي بمثابة ترتيب للبيت المدرسي وتهيئة للمعلمين لاستقبال العام الدراسي الجديد قلبا وقالبا، إنها دعوة جادة وصادقة من القلب إلى القلب، دعوة للمعلم لمراجعة النفس وإعادة صياغة العمل والأداء ومحاسبة النفس عن جوانب التقصير ودراسة جوانب القوة في الأداء، والاستفادة من وقت السكينة والراحة في محاولة التفكير الجدي لآلية جديدة ، وابتكار أساليب أخرى يرفد بها مدرسته وطلابه. وعلى هذا فإن الدور الأساسي للتطوير والمبادرة الذاتية للتجديد وإثراء المناهج والخطط والبرامج بالرؤى والأفكار والتطبيقات الأنسب، إنما هو دور المعلم ومسؤوليته، وهذا يقتضي أن لا يكتفي المعلم بأن يكون ناقلا للأفكار والمعلومات السابقة التي اكتسبها في مراحل سابقة، بل أن يكون باحثا ومضيفا إليها من ثقافته وخبراته واجتهاداته واقتراحاته الجديدة، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال التنمية الثقافية الذاتية المستمرة للمعلم، ذلك أن تطوير التعليم لا يكتسب معناه الحقيقي وجوهره، إلا عندما يكون نابعا من ذات المعلم، من خلال حرصه على تطوير ذاته وإثراء معارفه وتوسيع مداركه وذلك بالقراءة والاطلاع في كل ما يتعلق بحقله الاختصاصي والحقول العلمية الأخرى، حتى يستطيع أن يثري المنهج الدراسي بروافد خبراته وأفكاره وقراءاته وتأملاته وآفاق فكره المنفتح والمتجدد، في ظل عصر سمته غزارة المعلومات ، وتجدد المعارف وسعة الآفاق العلمية والعلوم والمكتشفات الحديثة.
تعزيز القناعات الايجابية وتطوير مستوى الوعي الذاتي للمعلم الضمان الأمثل لتحقيق أهداف التطوير التربوي:
إن السؤال الذي يطرح نفسه في هذه الفترة من بدء العام الدراسي هو: كيف يمكن للمعلم أن يجعل من فترة الاسترخاء أو الأجازة الصيفية منطلقا لمرحلة جديدة في العمل المهني التربوي سمتها الحيوية والنشاط والاجتهاد؟ وكيف يمكن للمعلم أن يجعل من عملية التدريس مصدرا لتجديد طاقاته وإشباع ذواته ومعبرا لحياة مهنية ملؤها التفاؤل والحماس والجدية والعمل والنشاط، تؤمن بالمبادرة والابتكار، يستثمر فيها المعلم طاقاته لأجل تحقيق المزيد من الأهداف عن طريق تنمية القدرات وتطوير المواقف والاتجاهات؟ .
في تقديري فإن تعزيز دافعية المعلم وتفعيل طاقات الوعي والمعرفة لديه هما الضمان الأمثل لتحقيق الغاية والوصول للهدف، إذ يتوقع أن يؤدي وعي المعلم وقناعته بالمهنة دورا كبيرا في تجديد طاقاته وتغيير أنماط حياته المهنية، وترسيخ مفهوم التدريس الأصيل على أساس من الرضا والتفاؤل، إن تفعيل طاقات الوعي لدى المعلم يتطلب تعزيز الاتجاهات الإيجابية التفاؤلية. وتعني أن يدرك المعلم حقيقة مهنته ويسعى إلى تطويرها والارتفاع بمستواها من خلال تقديره لهذه المهنة، والأخذ بالمفاهيم والمبادئ التربوية والنفسية عند التخطيط للعملية التعليمية، والاستزادة من العلوم التربوية والنفسية سواء عن طريق التعلم الذاتي أو التنمية المهنية المستدامة، فمثل تلك البنية التفاؤلية والنظرة الإيجابية يفترض أن تولد لدى المعلم قوة مساعدة تكسبه مزيدا من الثقة في قدراته وتنمي لديه الاستعداد لمزيد من الإنتاج والعطاء، وبالتالي يكون اتجاهه متوافقا مع ما يفكر ويشعر ويترجم سلوكه، يسعى من خلاله إلى جعل التدريس مصدرا لتجديد طاقاته وتنمية معارفه، فيصبح التدريس في نظره أداة لتطوير شخصيته نحو الأفضل، ومصدر لتطوير إبداعاته، وفرصة لممارسة دور التربوي. فهو بذلك يعمل على عدم السماح للصورة السلبية بأن تنطبع في فكره وشخصيته، إن القناعات السلبية التي يحملها بعض المعلمين نحو مهنة التدريس، تولّد لديهم مثل هذا الإحساس والشعور، " حتى يصبح صريعا لميزان الربح والخسارة المادية، والحوافز والعوائق، يقابل بينها، دون نظر إلى رسالة التعليم وأهدافها السامية، فهو لا يحفل بها ولا تقع في دائرة همومه. إن تغيير هذه القناعات السلبية لا يتم إلا من خلال الإرادة الصادقة القوية والعزيمة الوقادة، ويوم أن يدرك المعلم ما لهذه القناعة من أهمية وفائدة فإنه سوف تنقشع أمامه كل الحواجز وتهين أمامه كل الصعاب فيتغلب الضمير والعقل والفكر والقناعة على كل ما سواها، فلا الربح الذي يجنيه المعلم هو المقياس، ولا الحوافز المادية هي الهدف.
تعزيز الحوار التربوي مع المعلم والقناعة بدوره والتطوير المهني المستمر لأدائه وممارساته منطلقات وفرص داعمه للمعلم العماني:
من هنا يأتي دور وزارة التربية والتعليم في تعزيز دور المعلم وتهيئة المناخ المناسب لعمله وتعزيز الثقافة الايجابية بالمدارس وتعزيز صناعة القدوات من الهيئة التدريسية بالمدارس وتمكينها وتوطين العناصر المتميزة ودعمها ومساندتها. وتأتي توجيهات الوزارة ودعوتها للمعلم نحو التجديد والتطوير والمراجعة والتقييم والاستعداد النفسي والبدني لتحمل هذه المسؤولية أحد الروافد والمعززات التي يستنير بها المعلم والتي تحدد ملامح ومتطلبات الدور الذي يقوم به، وتأتي الدعوات التي وجهتها الوزارة في المحافل المحلية والإقليمية والدولية إلى الاهتمام بالمعلم وتطوير أدائه والاتقاء بثقافته وفكره ، وما تم الإشارة إلى في اللقاء السنوي الثاني بالوزارة للعام 2008/ 2009 بالاهتمام بالمعلم وجعل هذا العام 2009/ 2010عاما للمعلم العماني دليل على الرغبة الأكيدة للتركيز على المعلم في كل جوانبه ومجالات عمله، وهي ليست دعوة محدودة بوقت معين أو لمدة عام دراسي واحد بل الاهتمام بالمعلم عملية مستمرة. لهذا لم تكن عملية المتابعة للمعلم والعمل على تطويره وتعزيز دوره عملية وقتية أو محددة بنهاية عام دراسي؛ بل هي عملية مستمرة ينبغي أن تستخدم فيها أساليب تربوية متنوعة يتوقع مساهمتها في إيجاد المناخ المناسب لعمل المعلم وتعزيز دوره وممارسة ابتكاراته وتطبيق مبادراته، وهذا يعني تعزيز دور المدرسة في التطوير المهني للمعلم من خلال تفعيل دور إدارة المدرسة ومعلميها والطلاب وأولياء الأمور من بداية العام الدراسي بتطبيق الآلية العملية الصحيحة لخطة المدرسة وبرامجها في كل يوم طيلة العام الدراسي، مع التأكيد على ضرورة مساندة جهود المدرسة في تنفيذ إجراءاتها ووسائلها التربوية والإدارية السابقة حول المعلم وتطويره والارتقاء بأدائه. وتدرك الوزارة أن تعاون الجميع( طلاب، وأسرة ومجتمع) مع المدرسة من خلال المتابعة والتوجيه، وإثراء الجانب الإيجابي لدى البناء ودافعتيهم نحو الاستمرارية والالتزام بأيام الدراسة ومتطلباتها، في ما من شأنه مساعدة المعلم ومساندته وتعزيز ثقافة الوعي والمسؤولية لديه، أمر في غاية الأهمية وهو الضمان الأمثل للوصول إلى الأهداف المنشودة.