من أجل تحول وطني في مفهوم المواءمة بين التعليم وسوق العمل

من أجل تحول وطني في مفهوم المواءمة بين التعليم وسوق العمل؟  ماذا يريد القطاع الخاص من التعليم؟  وكيف يمكن لنظام التعليم أن يلبي احتياجات سوق العمل الوطني؟  وهل سيعمل مجلس التعليم على سد الفجوة الحاصلة في مفهوم المواءمة؟ د. رجب بن علي بن عبيد العويسي
10- 12- 2012م Rajab.2020@hotmail.com ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يثير موضوع ربط مخرجات التعليم بمتطلبات سوق العمل تساؤلات عدة واستفسارات متنوعة تشوبها علامات التعجب والاستغراب والإنكار تارة والقناعة بأن ما أنجز على المستوى المؤسسي هو الحد المقبول وأن ما يتم في هذا الموضوع من ممارسة كاف تارة أخرى، في ظل عمل ما زال لم يتحول من مرحلة الاجتهاد الفردي المؤسسي، وفي هذا الاطار تظهر على السطح مجموعة من النقاط التي يفترض أن تكون بمثابة المدخل عند التطرق لموضوع المواءمة والإجابة عن التساؤلات التي طالما تتكرر على ألسنة القائمين على مؤسسات التعليم أو حتى توصيات البحوث والدراسات والتي لم تستطع إلى اللحظة إيجاد معالجة متوازنة واقعية مستدامة في الخروج من أزمة عدم المواءمة والوصول إلى مرحلة المواءمة المنشودة ، فما الذي يريده القطاع الخاص من التعليم؟، وهل لدى القطاع الخاص منظومة كفايات محددة يطلب من التعليم العمل بها؟ هذا في مقابل الأسئلة التي تتردد على ألسنه القائمين على القطاع الخاص بأن مخرجات التعليم غير قادرة على تلبية طموحات القطاع الخاص وتتسم بالجمود وعدم القدرة على التفاعل مع مستجداته، في حين ان الاجابة عن هذا التساؤل الأخير تكمن في السؤالين المطروحين سابقا؟ هذه الأسئلة وغيرها تتكرر وتعاد صياغتها بأساليب مختلفة لكنها تتمحور حول فكرة واحدة تشير بوضوح إلى أن الجميع يفتقدون إلى مؤشرات دقيقة واضحة في رصد فعل المواءمة ، وفي فهم متطلباتها، وفي قياس نواتج تحققها من عدمه والسبب في ذلك يكمن في أن القراءات كلها إنما تعطي مؤشرات تقريبية، وليست احتياجات دقيقة مشفوعة بالأرقام والإحصاءات، هذه النقاشات والمجادلات والمزايدات والمغالطات- ان صح التعبير تسميتها-عندما تقتصر على مجرد اتباع سياسة الكيل بمكيالين ولم يكن همها ايجاد مخرج من الأزمة أو الوصول إلى رؤية مشتركة تجمع جميع الأطراف ذات العلاقة على طاولة واحدة يتداول فيها الحديث عن كل حيثيات الموضوع للوصول الى حلول أو بريق أمل يخرج الموضوع الى حيز الفعل الوطني المشترك المستفيد من كل الفرص المتاحة والدعم الحكومي المعزز بالإرادة السامية لمولانا جلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه في اهمية تقديم معالجة شاملة نوعية للموضوع تراعي جميع المتغيرات وتستشرف مستقبل الوطن ، كون أنه من أولويات المرحلة الحالية التي تمر بها السلطنة والمرحلة القادمة التي تستشرفها من خلال مراجعة سياسات التعليم وخططه وبرامجه وتطويرها بما يواكب المتغيرات، إن الوصول إلى تحقيق الرؤية الطموحة من عملية المواءمة تتطلب نوعية جديدة من المعالجة تؤكد قبل كل شيء على أهمية قناعة الجميع بأن ما يتم تقديمه حاليا في هذا المجال إنما يأت كاجتهادات تقوم بها المؤسسات في إطار رؤيتها لمسؤوليتها الوطنية ، وبالتالي قد تفتقد أو تبتعد عن الممارسة الحقيقة للمواءمة، وفي الوقت نفسه أن يدرك الجميع الحاجة إلى فعل مشترك يؤطر ضمن استراتيجية وطنية ترسم الطريق للمواءمة وتؤصل لدى المؤسسات الثلاث ( التعليم المدرسي والتعليم العالي، وسوق العمل( القطاع الخاص) أهمية العمل من أجل تحقيق المواءمة، هذا بلا شك يدعونا قبل الدخول في خضم نقاشات هذا الموضوع أن نعي الطبيعة المتغيرة التي يستدعي المفهوم العمل في ظلها، فهي بمثابة محاور يستند إليها في أي مناقشة لموضوع المواءمة، وبالتالي فإن فهمنا لها هو دليل قناعتنا بما يمكن أن ينتج عن هذه المناقشات والتساؤلات من جهد وطني مشترك، وتتمثل في الآتي: • الطبيعة المتغيرة لسوق العمل واتسامه بالديناميكية وسرعة التحول فما هو مقبول من تخصصات اليوم قد لا تكون له تلك الاهمية في سنوات قليلة قادمة . • التحول النوعي في طبيعة المهارات المطلوبة بما يتواكب مع مهارات سوق العمل العالمية. • وجود تغيير مستمر في احتياجات سوق العمل بتغيير السياسات والتوجهات الوطنية والمؤسسية، وبالتالي عدم وجود مؤشرات واضحة في العمل حول السقف من المهارات والنواتج التي تتوفر لدى الخريج في التعليم المدرسي خاصة. • السياسة العامة للدولة وما تريده من التعليم، والشكل الناتج المتوقع منه. • فلسفة التعليم وحدود عملها ومستوى المعالجة المطروحة لمحتواها النظري والفهم المتحقق لدى الآخر بشأنها، هذا بالإضافة إلى أن فلسفة التعليم بالسلطنة والإطار النظري العام الذي بنيت إليه يشير بوضوح إلى أن من بين غايات التعليم هو اكساب المتعلم مهارات العمل وقيمه، وليست المراد هنا مهارات تخصصية بل هي مهارات أساسية مرنة لا تتجاوز طبيعة المرحلة التعليمية ونوعية التعليم والذي يؤطر في حدود مناهجه ومادته ومحتواه وطبيعة الطالب في مرحلة التعليم المدرسي ، وهنا توجه الأنظار إلى التعليم العالي الذي يفترض أنه يعد الطالب لتخصصات محددة في القطاع الخاص أو سوق العمل • التنوع في طبيعة عمل مؤسسات وشركات القطاع الخاص ذاتها. • هل دور مؤسسات التعليم اعداد متعلم جاهز وذو قالب واحد محدد يلبي كل طموحات ومؤسسات القطاع الخاص؟ • نوعية السوق المحلي ذاته وقدرته على تلمس احتياجاته ذاتيا، • مدى قدرة السوق المحلي على امتلاك خاصية استشراف المستقبل، • هل توجد رؤية واضحة وموحدة بالقطاع الخاص حول ما يريده من التعليم؟ وهو ما يعني مدى امتلاك القطاع الخاص لرؤية واضحة مقننة متفق عليها بين جميع مؤسسات القطاع الخاص والشركات في سقف معين تريده من التعليم • إن سوق العمل ما يزال غير مستوعب لخريجي بعض التخصصات النوعية في مؤسسات التعليم العالي، والدليل على ذلك أن الكثير من التخصصات النوعية التي ادركت مؤسسات التعليم العالي قيمتها وأهميتها على المستوى الوطني لم يستطع سوق العمل استقبال خريجيها لذلك اتجهوا لأعمال ومهام أخرى قد لا ترتبط بتخصصهم، لعدم وجود الميدان الحقيقي الذي يمكن أن تعمل فيه هذه الكفاءات. • موضوع المواءمة الحاصلة هو أقرب للاجتهاد المؤسسي فلكل المؤسسة اجتهادات في فهمها للموضوع وتقديرها للوضع والإطار الذي تعمل فيه لتحقيق المواءمة. وهو ما يجعل في المقابل مؤسسات التعليم تثق بأن ما تقدمه في ظل عدم وجود رؤية واضحة معتمدة من سوق العمل هو كاف ويحقق الغرض من التعليم ويؤكد على سلامة النهج الذي انتهجته، كون مؤسسات سوق العمل لم تحدد المهارات التي تريد وهي تختلف من مؤسسة لأخرى وفي قطاعات متنوعة بسوق العمل الوطني • امكانية وجود نقاط مشتركة يمكن الاستفادة منها في الجانبين للوصول إلى رؤية موحدة وطنية في ايجاد مواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل. • إن فهم عملية المواءمة وتحقيق متطلباتها يستدعي النظر في مجموعة من الأمور من بينها السياسة العامة للدولة في التعليم وما تريده من التعليم، هل تريد أن تكون دولة سياحية أم تجارية، أم صناعية، وما نوع الصناعات هل ثقيله أم متوسط الخ، هذا بلا شك سيكون محدد عام يضع سياسات التعليم في إطار محدد وبالتالي هو أمر قد لا يكون لمؤسسات التعليم علاقة به بقدر ما هو رؤية عامة لسياسة الدولة وتوجهاتها المستقبلية، • إن مما ينبغي الاشارة إليه هو أن السائد في العالم المتقدم كله هو أن التعليم المدرسي خاصة لا يعد الطالب لمهارات تخصصية ، بل مهارات الحياة المرنة، كما أن توفير شخص جاهز بكل المواصفات لا يمكن لمؤسسة معينة لوحدها تحقيقه بل هو عمل وطني مشترك تتفاعل فيه جهود كل المؤسسات المعنية ببناء الإنسان وصقل مهاراته، وما أشار إليه تقرير اللجنة الدولية لتطوير التعليم من مهارات اربع إنما يمهد لمرحلة التفاعلية في البناء المؤسسي ويؤصل لثقافة التكامل وتقاسم المسؤوليات بين المؤسسات في اعداد المتعلم لمهارات الحياة المختلفة. من هنا تأت أهمية النظرة الشمولية المتسعة عند أي معالجة تتناول موضوع المواءمة، بحيث تضع في أجندتها القدرة على الاجابة عن كل التساؤلات المطروحة من قبل كل الأطراف، مشفوعة بالمعايير والمؤشرات والخطط والبرامج والأدلة ونواتج العمل والإحصائيات والأرقام والتي بلا شك تضع أطراف العمل الثلاث في مرحلة تحول جديدة تتطلب منها المزيد من التنسيق والتكامل والتفاعل والترابط وإيجاد أدوات قياس محددة وواضحة ومعايير أداء مقننه وإطار عمل محدد في إطار وطني يستشرف مستقبل المواءمة التعليمية ويضع مؤسسات التعليم العالي والتعليم المدرسي والقطاع الخاص الذي يمثل سوق العمل أمام مرحلة مهمة تضع في اولوياتها مراجعة شاملة لكل السياسات والخطط والبرامج ليست فقط على مستوى مؤسسات التعليم بل أيضا على مستوى منظومة القطاع الخاص بالسلطنة ليصل إلى مرحلة تتأكد فيها ثقة الإنسان العماني بما يمكن أن يؤديه القطاع الخاص من دور من أجل الإنسان، وثقة الحكومة بقدرة القطاع الخاص على الوفاء بتعهداته والالتزام بمسؤولياته التي تطلبتها مراحل التنمية باعتباره الشريك للحكومة في احداث التحول النوعي . إن هذا التوجه يتطلب بلا شك أن تضع مؤسسات التعليم لنفسها معايير أداء محددة، ورؤى واضحة وهي بذلك تطرح لتحول نوعي يستشرف مرحلة جديدة من العمل التنموي المشترك الذي يفترض أن تنتهج فيه المؤسسات نهج أخرى تؤكد على الشراكة والحوار ووضوح الرؤية وبناء المعايير والشفافية والصراحة المؤسسية ، وبالتالي تتحول الثقافة السائدة من ثقافة الكيل بمكيالين ورمي التهم على الآخر، والتقليل مما يقدمه الآخر من جهود ومبادرات، إلى مرحلة العمل الوطني المسؤول الذي يعمل على انجاز متحقق ، وهي في الوقت ذاته فرصة لصياغة واقع جديد يبني على النقاط المشتركة وينطلق من مؤشرات عمل محددة تتفاعل في إطارها جوانب العمل الثلاث، وتنطلق من الحرص على صياغة رؤية وطنية مشتركة واضحة في هذا الموضوع تنقل مرحلة المواءمة من التنظير إلى الفعل الذي يظهر على شكل برامج وخطط وتوجهات ومشاريع ومبادرات ونماذج عمل محددة، وبالتالي لا بد من وجود صورة واضحة للمخرج من ازمة المواءمة التي تثار بشكل مستمر دون وجود رؤية واضحة تحتويها او تترجم عملها، وعلى هذا فإن بناء رؤية واضح للقضية يخرج موضوع المواءمة من أروقة المجادلات والمناقشات القاصرة عن بلوغ الغاية وتحقيق الطموح والتي لا يتجاوز مرحلة الاتهام واثبات الذات والتنكر للأخر بما يقدمه مع أنها جميعا لا تخرج جميعها من دائرة الاجتهاد المؤسسي وتقدير كل مؤسسة للوضع والمجال الذي تعمل فيه طالما لا يوجد اتفاق وطني مؤسسي على نوعية الخريج المطلوب، هو طرح هذا الموضوع في سياق وطني على شكل ندوات ولقاءات نوعية متخصصة تجمع القائمين على هذه المؤسسات بهدف الوصول إلى رؤية وطنية موحدة تعالج موضوع المواءمة في إطار السياسة العامة للدولة وتضع مؤسسات التعليم أمام واقع فعلي يعزز من مسؤولياتها في المراجعة الشاملة لسياستها وخططها وبرامجها بما يقرب صلتها من تحقيق رؤية المواءمة المطلوبة التي يستشرفها الوطن، ويضع مؤسسات القطاع الخاص أمام مسؤوليتها الحقيقية التي تتجاوز تكهناتها في ما يقدمه التعليم من مخرجات وانطباعها القاصر عن الاثبات بالدليل والشواهد، وبالتالي دعوتها في مراجعة شاملة أيضا لسياستها وخطط وبرامجها وتشريعاتها والتزاماتها وقدرتها على احتواء الكفاءات الوطنية ، وهو ما يمكن أن يضعها امام واقع لا مجال لتجاوزه بحجج غير مقنعه، وبالتالي فهي رؤية لبناء عمل مؤسسي يتفق الجميع عليه يمكن للمؤسسات السير عليه والأخذ به، هذا الأمر أيضا يدعو مجلس التعليم إلى تبني آليات واضحة في رؤية المواءمة وإيجاد نسق محدد من الفعل الوطني القائم على التنسيق والتكامل بين مؤسسات التعليم وسوق العمل، فهل سنجد من يسعى لمبادرة وطنية بشأن المواءمة؟ هذا ما نأمله. وإلى لقاء آخر

دعوة للحوار ...

إخواني أخواتي الكرام

في عالم تتصارع فيه الأفكار وتتطلام فيه القوى ، اجزم بما لا يدع لدي مجالا للشك ان ما ينقصنا هو الحوار الايجابي البناء .

على صفحات مدونتي هذه اكرر الدعوة للحوار فلنستمع لبعضنا البعض لنعطي

الفرصه للراي والراي الاخر لنكن على مستوى الامانه التي حملنا ايها من

لدن رب العالمين وارتضينا تحملها ليكن حوارنا حوار القلب والعقل المفتوح لا حوار الطرشان

الذي لا يستمع الا لنفسه وصوته فقط . وما احوجنا في

هذه الاوقات الراهنه بالذات لهذا الحوار . ادعوكم اخوة

واخوات وافتح لكم الباب للمشاركة بامثله واقعية من حياتكم والتي ثبت

لكم من خلالها اهمية الحوار شاركونا قصصكم اوحوادث ممرتم بها واشكاليات

توصلتم من خلالها الى ان الحوار هو الحل نعم الحوار هو الحل ومهما كانت المشكله ومهما اختلفنا

. ودمتم احباء متحاورين

.................
د.رجب بن علي بن عبيد العويسي
لقد ساهمت رؤية تطوير التعليم المدرسي في السلطنة وما احتوته من توجهات نوعية ابتكارية في تعزيز جوانب المبادرة لدى المعلمين والتربويين على حد سواء، نتيجة تنوع الخيارات التعليمية التي تمخضت من رؤية تطوير التعليم المدرسي في إطار أولويات الرؤية والبدائل التطويرية التي صاحبتها في جميع مجالات العمل التربوي، وتعزز مبدأ المبادرة والتجديد وأهميتها في التفاعل مع متطلبات التطوير التربوي ، حيث فرضت هذه القناعات على التعليم بالسلطنة أن يواكب المتغيرات العالمية وبالتالي أن يكون تعليم ذي جودة ملبي للاحتياجات، إن هذا التنوع والشمولية التي يتميز بها النظام التعليمي بالسلطنة يمكن أن تكون فرصة داعمة في تعزيز جوانب المبادرة والتطوير وتأكيدهما في قناعات المعلم والتربوي على حد سواء، وفي ممارساته، لتصبح ممارساته ومبادراته وما يطرحه من أفكار وبدائل وخياراته، مبنية على تحليل دقيق ودراسة واعية ونقد بناء ، وفي إطار من الدراسة الواعية لاحتياجات الواقع ومتطلبات المستقبل؛ لقد حملت رؤية التعليم المدرسي في أهدافها وغاياتها الكثير والكثير من التوجهات التطويرية النوعية التي تفتح المجال لمزيد من التجديد والابتكار والتطوير ومراجعة الذات وتقييم الممارسات في مرحلة غلب عليها معيار التنافس وتقديم الأفضل من خلال إيجاد خيارات متعددة وبدائل متنوعة في إطار يراعي الاحتياج الفعلي والإمكانيات المتاحة ويعزز من مستوى الطموح القائم على تحقيق الأهداف والتنبؤ بالنتائج.
وتأتي أهمية المبادرات في كونها تعمق من مفهوم الجدارة في الأداء والرقي في الفكر والسمو في التفكير والايجابية في الممارسة ، وتعزز لدى الفرد مبدأ الانتماء المهني والولاء الوظيفي ، والإحساس بالمسؤولية، والانتقاء والاختيار بناء على تجربة ومران، وبالتالي نقل المعلم والتربوي إلى مرحلة التأمل والانفتاح والمسؤولية والثقافة المؤسسية الواعية المدركة للتطورات الحاصلة في المؤسسة والمستجيبة لكل التجديدات الحاصلة بها، والتي تؤكد على العمل الجمعي، مع إعمال التحليل والنقد البناء وتوظيف تجارب الحياة والاستفادة من تجارب الآخرين في سبيل الرقي بفكر العاملين الآخرين في المؤسسة التربوية وتعزيز ثقافة الجودة والتطوير في كوادرها البشرية.
من هنا فإن تلك الفرص التي ساهمت رؤية تطوير التعليم المدرسي في خلقها وتكوينها ، تؤكد أهمية المبادرات الفردية والجماعية التي يقدمها المعلم باعتبارها أحد السبل التي تضمن وصول المؤسسة التعليمية إلى مستوى من الجودة والفاعلية، ناهيك عما يمكن أن تقدمه تلك المبادرات من إيجابية وتعزيز لرصيد المؤسسة التربوية كمنظمة متعلمة تتعلم ذاتها، بحيث تمتلك من القدرات والاستعدادات والطاقات ما يساعدها على ترتيب أوضاعها والاستفادة من الخبرات والتجارب المتوفرة، وتفعيل هذه الخبرات وتطويعها بما يسهم في التفاعل مع التحديات والتغيرات والاستفادة من الفرص المتاحة لها، بما يسهم في تحقيق جودة عالية في العمل ومخرجات الأداء.
إن من يمن الطالع الإشارة أيضا إلى أن التطوير الحاصل في منظومة التعليم واكبه تطوير في نوعية الاهتمامات والمبادرات التي بدأ تطرح في الحقل التربوي والتي يتوقع لها المزيد من الابتكارية والموجهة بما يرقي من عمليات التطوير ويضعها موضع التنفيذ ، كما أن ما يمكن أن نشير إليه في هذا المقام هو أن التوجهات التطويرية لتطوير التعليم المدرسي راعت من بين الجوانب التي أعطتها أولويتها هو الاستفادة من خبرات الآخرين والتجارب التطويرية في الدول ذات الأداء التعليمي المتطور، وفي نفس الوقت اهتمت بضرورة أن تبني عمليات التطوير على قناعات المجتمع العماني وأخذ رأي الحقل التربوي في برامج التطوير التربوي وإشراك المجتمع المحلي بفاعلية في خطط التطوير التربوي من جهة والاستفادة من رأيه ومقترحاته التطويرية من جهة أخرى، وهذا بدوره ساهم في تحقيق التنوع والشمولية والمرونة في التعاطي مع هذه الاتجاهات مما ساهم في مزيد من الابتكارية والحاجة إلى إعمال الفكر والتنويع في محتوى المبادرة ومضمونها وغايتها وأهدافها بشكل يعكس متطلبات التطوير التربوي ويعزز الممارسة الفعليه في إطار من المرونة والواقعية بعيدا عن الشكليات والطموحات التي لا تنزل إلى مستوى العمل والواقع.
لقد أتاحت الإجراءات التي اتبعتها الوزارة في هذا الشأن، فرصة التأكيد على حسن التوجه نحو تعزيز وعي الحقل التربوي بأهمية المبادرات النوعية والإبداعية والتي تحمل رؤية تطويرية يمكن أن تخدم واقع التطوير التربوي وتوجهاته المستقبلية، بدءا من تشكيل لجان المبادرات والمشاريع على مستوى ديوان عام الوزارة والمناطق التعليمية والتي من بين أهدافها: بناء قدرات وطنية قادرة على التجاوب مع متطلبات التطوير التربوي وإثرائه بمرئياتها وأفكارها العملية، وإتاحة الفرصة للعاملين في الحقل التربوي لمزيد من المبادرة والتجديد والتطوير التي تحمل في طياتها ثقافة الجودة والابتكارية في المؤسسة التربوية، ، بالإضافة إلى أن المناشط التربوية والبرامج والمسابقات التي تبنتها الوزارة والتي صاحبت رؤية التطوير التربوي ساهمت بلا شك في تجديد الفكر التربوي وتعزيز الثقافة الايجابية لدى العاملين في الحقل التربوي، وإن من بين ما يمكن الإشارة إليه في هذا الصدد ، أن الوزارة اتجهت في ظل رؤية تطوير التعليم المدرسي نحو تشجيع إقامة الملتقيات السنوية للمعلمين في المناطق التعليمية المختلفة، من أجل إشراك المعلمين والتربويين في تطوير العملية التربوية التعليمية، بحيث يتوقع أن تُسهم هذه الملتقيات في تقديم خلاصة التجارب والدراسات البحثية المتعددة، من خلال تبادل الأفكار التربوية وطرح التحديات التي قد يواجهها المعلمون في العملية التعليمية التربوية، بما يُسهم في تعزيز الدافعية نحو العمل البنّاء والأخذ بهذه النتائج لكي يتم الاستفادة منها.
كذلك شكلت مسابقة المعلمين والتربويين في الحقل التربوي خطوة مهمة في مسيرة التطوير الذي تنشده وزارة التربية والتعليم على كافة الأصعدة، فالمعلمون والتربويون هم المستهدفون، ورعاية المجيدين منهم ومبادراتهم التربوية، وإثراء الفكر التربوي بكل ما هو جديد أهم الغايات الانمائية والتطويرية للمسابقة، وهي في حد ذاتها تعكس النظرة المستقبلية للوزارة وما توليه من اهتمام بالمعلمين والعاملين ورعايتهم في الحقل التربوي، حيث أصبح إثراء الفكر والطرح التربوي من خلال تنوع البحوث والدراسات والكتب العلمية والمشاريع والتجارب والبرامج الالكترونية، من الأمور المهمة في مختلف النظم التربوية العالمية، عليه تظل هذه المسابقة مكسباً تربوياً هادفاً، وتوجهاً سليماً وضرورياً، يُعبر عن رؤية بعيدة وشاملة لمختلف التوجهات الحديثة.
وسعيا نحو إتاحة المناخ التربوي المناسب للمعلم والتربوي، فقد سعت الوزارة إلى تنفيذ المنتدى التربوي الصيفي في أثناء تنفيذ مهرجان صلالة السياحي في شهر يوليو من كل عام تزامنا مع فصل الخريف حيث تطرح فيه العديد من البرامج التربوية المناسبة والتي تعزز من بناء قدرات الكادر البشرية بهذه الوزارة وتتيح لهم فرص اللقاء بالعديد من التربويين من دول مختلفة، ... إذ تقوم الوزارة فيه بدعوة العديد من الخبراء والتربويين من دول مختلفة، وهو يحمل في طياته رؤية استشرافية تعزز من مفهوم المبادرة والتجديد، مع ما يتضمنه المنتدى من برامج تدريبية وترفيهية وعروض للتجارب الميدانية، التي تسهم في تجديد نشاط المعلمين والعاملين في الحقل التربوي، وإضافة الجديد لخبراتهم ومهاراتهم وابتكاراتهم.
وسعيا نحو الاستفادة من تجارب ومبادرات المعلمين وتعزيز مستوى الكتابة الإبداعية لديهم من خلال الاطلاع على المستجدات والقراءة الواعية لقضايا التربية والتعليم فقد ساهمت رؤية الوزارة في تعيين موقعها على الإنترنت( المنتدى التربوي) وفي إصدار الوزارة لدورية( التطوير التربوي ) والتي تهدف إلى نشر إبداعات المعلمين والتربويين من أساليب وطرائق التدريس وغيرها من الموضوعات التي تخدم رؤية التطوير التربوي تعتبر سانحة لمزيد من المبادرة وتقديم المرئيات التطويرية.
وليس هناك مجالا للشك في أن هذه الإجراءات وغيرها التي اتخذتها الوزارة هي دعوة صادقة للمعلم والتربوي وجميع العاملين في الحقل التربوي نحو التجديد والمبادرة والإنتاجية والعطاء المستمر، إن المبادرة ونوعية هذه المبادرة والجديد الذي تقدمه هي المعيار الذي يتمايز بشأنه التربويون على أمل أن تقدم هذه المبادرات الترجمة الفعلية لرؤية التطوير التربوي وتتأكد من خلالها حقيقة الوعي التربوي والمسؤولية المهنية.
واستكمالا لما تم ذكره سابقا فإن نظرة للواقع لتؤكد نجاح التوجه الذي رسمته الوزارة بشأن تعزيز الوعي بأهمية المبادرات في الحقل التربوي، إن المطلوب من الوزارة في المرحلة القادمة هو التركيز على المعايير المبنية على عمليات الانتقاء والاختيار الواعي لهذا المبادرات بما يعكس صدق التوجه نحو المطلوب من هذه المبادرات والأثر الذي يمكن أن تحدثه في إثراء منظومة العمل التربوي من جهة ، ومن جهة أخرى سعيا من الوزارة نحو إتاحة الفرصة لتقديم المبادرة النوعية المتعمقة التي تراعي متطلبات الواقع وتوجهات المستقبل وتستجيب للمتغيرات الحاصلة في المنظومة التعليمية، في إطار من التحليل الاستراتيجي الذي يراعي متطلبات الواقع ويرصد التحديات ويستفيد من الفرص ويضع الأطر العامة للتعامل مع التهديدات المتوقعة وهي أسس مهمة ينبغي أن تتوفر في محتوى المبادرة التربوية.

شاركنا الراي ...

مختارات مصورة