يول
25
مديـر المدرسة وتحديات العولمة *
تواجه المؤسسات التربوية ومنها المدرسة اليوم تحديات عديدة أفرزتها متغيرات متعددة في عالم سريع التغير، ولعل ظاهرة العولمة التي اكتسبت أبعادا متشابكة تكاد تشكل صلب التحديات التي تواجه مدير المدرسة، فهناك متغيرات افرزتها تقانة المعلومات في كافة مجالات الحياة تتلاشى فيها الحدود وتحوّل عمل الأفراد في تلك المؤسسات إلى إبداع وتطوير مستمر سعيا وراء الأخذ بالجديد، كما أن هناك الطفرة المعلوماتية وعصر الإلكترونيات، والاندماج المتسارع للاقتصاد العالمي وما يرافقه من تعاون وتحالفات ومعاهدات لها أثرها الكبير على جانب التربية والتعليم ومخرجاته لسوق العمل المحلي والعالمي، بالإضافة إلى أننا نسمع ونشهد تغييرات تنظيمية عالمية تتمثل في الأدوار والمسؤوليات والعلاقات وأساليب المشاركة وعمليات الإتصال والتواصل على مستوى المؤسسة الواحدة أو بين مستويات عدة من المؤسسات، كما أن هناك تيارات ثقافية ومعلوماتية وعولمة السياسة والفكر والإدارة والإعلام.
وفي خضم تلك التحديات يجد مدير المدرسة نفسه أمام عقبات كثيرة جدا، ذلك لأنه يفترض ألاّ يعمل بمعزل عن معترك الحياة المعاصرة حلوها ومرها سيئها ورديئها، بل يعمل في غمار تلك الأحداث لأن مهمته أن ينشئ أجيالا تتسلح بالعلم ويوجد أمما من المفترض أن تتعايش مع الواقع وتساير الركب البشري وإلا ضاعت هويتها ودفنت أصولها.
نعم … عندما أقول بأن مدير المدرسة مطالب بأن يدخل معترك الحياة المعاصرة ويستفيد منها، إنما ذلك لأن دوره لا يعتمد على إدارة آلة عن طريق فنيين وخبراء، بل دوره أكثر عمقا وأدق خطرا ألا وهو توجيه عقول ورعاية مشاعر فيطلب منه اليوم أكثر مما يطلب من مدير الشركة أو المركز التجاري، لأنه وبالأخص يتعامل مع مشاعر وخصوصيات وأفكار ولذلك تعنيه بالدرجة الأولى جودة هذا المنتج والمتمثلة في اكتساب هذا الفرد للمعارف والسلوكيات والمبادئ والمعتقدات التي تحسّن هذا السلوك وتثري هذا المعتقد وتوجه هذا الفرد إلى المستقبل برؤية استراتيجية تستشرف المستقبل فيها تفاؤل وطموحات وواقعية وتحديات وفرص .