ماذا يريد الطالب من المدرسة ؟ وكيف يمكن للمدرسة أن تعزز مفهوم التعلم النشط والايجابي لدى الطالب؟
ماذا يريد الطالب من المدرسة؟ وماذا يتوقع منها؟ وما توقعات المدرسة في المقابل نحو طلابها؟ ماذا تريد منهم ؟ هل استطاعت المدرسة الارتقاء بالطالب في عصر العولمة؟ وهل المدارس على إستعداد تام لتحمل متطلبات التطوير؟ من يصنع الرجال والعقول هل المدرسة أم البيت ؟ أين يمكن للطالب أن يبدع ويعطي بشكل أكبر؟ هل تتعامل المدارس مع طلابها كأفراد قادرين على العطاء؟ وهل تغيرت أهداف المدارس في الواقع من تلقين الطالب أو التعلم الإجتراري إلى التعلم المبدع وثقافة الإبداع والابتكار؟ وهل المدارس في نظر الطلاب وقلوبهم مكانا يبعث على الدافعية والإرتياح؟
إن تحديات العولمة وثورة المعلومات ووسائل الإتصال المختلفة ودخول التعلم الإلكتروني والثقافة الإلكترونية والحاسوب في موقع العمل التربوي المدرسي، والتغيرات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والفكرية وما تبعها من ظهور بعض القضايا المتعلقة بالأمن والسلوك في المجتمع كانتشار الجريمة والعنف والإنحراف تفرض على المؤسسة التربوية اليوم ضرورة مواكبة تطورات العصر واللحاق بركب الحضارة البشرية وذلك بما يتيح لتلك المدرسة القدرة على البقاء والإستمرارية في زمن أصبح فيه البقاء والعيش للأصلح، ولقد أصبح واضحا بأن من يملك ناصية العلم والتكنولوجيا والمعلومات له حق البقاء.
ويرى ( Garland & Grace, 1994) بأن المدارس اليوم تواجه مجموعة من التغيرات التي تتطلب منها بالتالي العمل على صياغة جديدة وفعالة في عالم التغيرات، وأن تضاعف جهودها لتتمكن من تلبية مطالب الطلاب بما يسهم في تحقيق التواصل مع الطالب وتواصل الطالب مع المدرسة بعد تخرجه، وذلك باستخدام مبادئ إدارة الجودة الشاملة في البيئة المدرسية وتعديل البرامج والخدمات التي تقابل الحاجات المتغيرة للطلاب.
ولا شك فإن الطلاب هم القلب والجوهر في كل ما سبق من رؤى، واللحاق بالركب والتقدم العلمي لن يحدث إلا بهم ومن خلال إعدادهم لحمل ومواجهة تلك التحديات والتغيرات وبالتالي أهمية أن نفتح لهم أبواب الإستفادة من كل إيجابيات التقدم، كما ان تحقيق تلك الأهداف والوصول إليها لن يتاتى إلا من خلال تطوير نظم التعليم والذي يتم من خلال تأسيس مدرسة عصرية بما تحويه الكلمة من معنى، أهدافا ورؤية، ومنهجا ومتعلما، ووسائل وتجهيزات، ومناخا فعالا - وهو ما تسعى وزارة التربية والتعليم لتحقيقه.
إن هذا الأمر يحتم ضرورة التعامل مع هذا التحدي والتعامل مع معطياته لتمكين الطلاب من العيش في القرن الحادي والعشرين وهم مسلحون بلغة العصر الجديد ومفاهيمه وآلياته بالقدر الذي يؤهلهم للتعامل الجيد مع آليات العصر واحترام الوقت وإستثماره والقدرة على التكيف مع الظروف المحيطة.
وإذا كانت المدرسة في بداية ظهورها تهدف إلى تلقين الطلاب المعلومات وهم يقومون بدورهم في نقل تلك المعلومات وإجترارها دون فهم او تمحيص، فإن مدرسة اليوم تختلف عن مدرسة الأمس من حيث خططها وأهدافها وبرامجها ورؤيتها نحو طلابها وتوجهاتها المستقبلية ومنهجيتها في العمل والتعامل، ومعنى هذا أن تلك التغيرات تملي علينا أن ندرك حقيقة الدور الذي يفترض أن تلعبه المدارس في المستقبل، إذ يطلب منها إلإهتمام بإعداد طلابا قادرين على مواجهة تحديات العصر، مسلحين بالمعرفة والمهارات والاتجاهات وملتزمين بالعمل من اجل تحقيق اغراض التنمية الوطنية، لديهم من القدرات والإبداعات التي تساعدهم في العيش في عصر العولمة.
وقد أشار ( Gitterman & Others, 1995) إلى أن الرؤية الجديدة لمدرسة القرن الحادي والعشرين هي العمل بفاعلية نحو مستقبل الطالب وحياته الوظيفية وإعداده للحياة المهنية، وإكسابه مهارة إتخاذ القرار، والتعليم والتدريب المستمر، وبالتالي فإن ذلك يعني بأن المدارس ينبغي أن تتصرف بأسلوب مخطط ومنظم، كما يجب أن تفهم المدرسة أهمية تزويد الطالب بتجارب التعلم خارج أسوار المدرسة وإسترايجيات صنع القرار والتعليم عن بعد والتدريب.
فالمدرسة يمكنها ومن خلال جهود العاملين بها أن تسهم في تحقيق الإنجاز الأكاديمي للطالب وذلك عن طريق العمل على تحسين مناخ المدرسة وذلك بإشراك الطلاب في العملية التعليمية التعلمية، وإكسابهم المهارات الدراسية المختلفة مثل: التدريب، إدارة الوقت، زيادة الدافعية والحوافز الطلابية، وإشراك الطلاب ودعم المجموعات الطلابية بهدف زيادة التحصيل الدراسي والإنجاز، وزيادة إشتراك الآباء في العملية التعليمية التعلمية( Brown, 1999 ).
كذلك فإن على المدرسة أن تعمل على محاول إيجاد التكامل في جوانب شخصية الطالب من معارف وثقافة يستطيع من خلالها أن يفهم نفسه ودوره وما حوله وواقعه وما هو مطلوب منه؟ وقيم ومبادئ يسترشد بها في توجههه ويتميز من خلالها بشخصيته ويحافظ بسببها على وجودة وهويته وكيانه، ومن مهارات وقدرات تعينه على السير بخطى متقدمة نحو الأمام ليفهم بها مهنته ووظيفته، فمن خلال نظر المدرسة إلى هذه الأهداف تتضح لنا الرؤية التي نريد أن نحققها لطلابنا، وما يمكن للمدرسة المساهمة به في إعداد طالب المستقبل وما الذي نريده لطلابنا في المستقبل سواء كان تحصيل علمي، تعلم مهارة معينة...إلخ.
ويمكن رؤية متطلبات الطالب للألفية الثالثة في ثلاث جوانب رئيسة هي:
1) البناء التربوي والتعليمي للطالب ( المعرفة والثقافة).
2) بناء شخصية الطالب ( القيم وصقل الهويه).
3) بناء قدرات الطالب ( المهارات ).
أولا: البناء التعليمي:
ويمكن معالجة هذا الجانب من خلال تأثير مجموعة من العوامل التي تشكّل بدورها عناصر رئيسة في البناء التعليمي التعلمي للطالب وهي: رؤية المدرسة، المناخ المدرسي، دافعية الطالب، المعلم، المنهج المدرسي، الأسرة. وحول ذلك يمكن إثارة الأسئلة التالية:
إلى أي مدى تربط المدرسة الطالب بالحياة؟ ما رؤية المدرسة وتوقعاتها نحو طلابها؟ وهذا يؤدي إلى التأكيد على اهمية أن تضع المدرسة رؤية إستراتجية واضحة لها بشان طلابها ونظامها التعليمي للمستقبل.
هل هدف المدرسة من إنجازها برنامج تعليمي تنمية مدارك الطلاب، أم تنمية المهارات والقدرات العقلية، أم زيادة حصيلة الطالب الثقافية ومعارفه ومعلوماته العامه؟ وينبغي أن تضع المدرسة في أولوياتها حقيقة مهمة وهي مساعدة الطالب في مواجهة متغيرات الحياة وصعوبتها ومشاكلها وبناء الطالب بناء نفسيا وعقليا ووجدانيا - وهو ما ينبغي للمدرسة أن تقوم به وتعد الطالب له في ظل العولمة- ففي دراسة أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية لما يزيد عن 1300 طالب مدرسة ثانوية تم إستطلاعهم حول ما يفكرون به ويتوقعونه من مدارسهم، أشارت نتائج الدراسة على أن إستجابات الطلاب بخصوص ما يريدونه من مدارسهم تكمن في الجوانب التالي: التطلع نحو الإستقرار والإنضباط ، البناء التنظيمي ، التفويض ومنح الصلاحيات لهم من قبل المدرسة، وتعليم القيم الأخلاقية مثل الأمانة والصدق والوفاء ( Lumsden, 1997 ).
هل المناخ السائد بالمدرسة يساعد على تحقيق عمليتي التعليم والتعلم؟ ما نوع المناخ السائد بالمدرسة هل هو مناخ إبداعي يشجع عمليات الإبداع والإبتكار والتجويد والتطوير أم غير ذلك؟
هل جعلت المدرسة الطالب يبحث عن المعلومة وكيف؟ وما الوسائل المتاحة في ذلك والتي كان لها الأثر الكبير في إستثارة دافعية الطالب نحو التعليم والتعلم؟ هل تستثير المدرسة دافعية الطالب نحو عمليتي التعليم والتعلم؟ وفي ذلك تعمل المدرسة على جذب إهتمامات الطلاب وتحقيق فاعليتهم وتفاعلهم مع زيادة دافعيتهم للتعلم بما يفعّل من عملية التعلم ويرفع من قيمتها، كما تقوم هذه المدرسة بإتاحة الفرصة لمن يواجهون صعوبات في التعلم وتنقصهم الدافعية والثقة في النفس للتقدم في التحصيل الدراسي من خلال ما تقدمه لهم من مصادر الجذب والتشويق والإثارة.
هل يستخدم المعلمون طرقا عملية فاعلة في إستثارة دافعية الطلاب نحو التعلم، وفي تدريس المنهج المدرسي وهل هذه الطرق المتنوعة تحقق رغبات الطلاب ووصولهم إلى التحصيل الجيد، وهل هذه الأساليب التي يستخدمها المعلمون كفيلة بتحقيق أهداف المنهج المدرسي؟
هل تتيح المدرسة فرصة إبراز الطلاب لمواهبهم وقدراتهم؟ وذلك من خلال تهيئة الفرصة لدى الطلاب لتنمية وصقل مواهبهم وقدراتهم العلمية والأدبية والثقافية والفنية وتمكنهم من الإنطلاق بقدراتهم في إطار منظم وبرامج تستثمر إمكانياتهم المتميزة وترعاهم لكي يكونوا مبتكرين ومبدعين.
هل تعمل المدرسة جاهدة في توظيف التكنولوجيا العصرية لخدمة الطالب؟ هل تقدم المدرسة أفضل مستويات التعلم والتعليم لمختلف فئات المتعلمين مع مراعاة مستوياتهم وقدراتهم العقلية والفروق الفردية بينهم؟ ويتطلب هذا بالتأكيد مراعاة الفروق الفردية وإشباع إحتياجات كافة الطلاب وتنمية ميولهم ومراعاة الموهوبين والمبتكرين والإهتمام بحالات صعوبات التعلم.
إلى أي مدى ترتبط المناهج الدراسية بحياة الطالب ؟ هل المنهج المعد الذي يدرسه الطالب يتناسب ومستوى الطالب العقلي ومداركه الفكرية ؟ وهل يستثير المنهج المدرسي دافعية الطالب نحو التعليم والتعلم ؟ وهل تساعد المعلومات الواردة في المنهج المدرسي في تلبية حاجات الطالب ورغباته ؟ ما هو الحّيز المعطى في كثير من المدارس لبناء الطالب من خلال عمليتي التعليم والتعلم؟ هل تطبق المدرسة المناهج العصرية المتطورة والتي تتفاعل مع متطلبات العصر ؟ وفي ذلك ينبغي أن لا تغفل هذه المناهج إحتياجات الطلاب والمجتمع ومنظومة القيم السائدة وقدرات الطلاب، وذلك من خلال إستخدام كل الوسائل والأدوات التكنولوجية العصرية الحديثة بحيث نتجنب الإسقاطات في هذه المناهج بما يتلائم ويتوائم مع البيئة والطالب والقيم ويضمن لنا الإستفادة من التقنيات الحديثة وتوظيف التكنولوجيا بما يخدم الطالب والمجتمع بشكل عام.
هل ترتبط المناهج الدراسية بالبيئة المحلية وإحتياجات الطالب والمجتمع؟ وفي سبيل ذلك تراعي الفروق الفردية بين المتعلمين وفي نفس الوقت تتيح الفرصة لإكساب المتعلمين مهارات عليا في التفكير.
هل يعمل المعلمون بالمدرسة على تشجيع الطالب على التعلم؟ وهل يتيح المعلمون لهم فرصة التعبير عن أرائهم وإبراز قدراتهم ؟ ولهذا ينبغي من المعلم أن يكون منفتحا على العالم مطلعا على كل ما هو جديد في مجال تخصصه قادر على العطاء والإبداع ، مرن في تعامله مع طلابه.
هل يجعل المعلمون الطلاب يشعرون برغبتهم وإيجابيتهم نحو المادة الدراسية التي يدرسونها؟ ولا شك فإن لذلك أثره الإيجابي على طرحهم للأفكار والمفاهيم الجديدة للطلاب وإستخدامهم لمصادر التعلم المختلفة. وفي ذلك يخاطب( Kordalewski,John 1999 ) المعلم بقوله: ليس المهم كيف تشرك الطلاب وتأخذ بآرائهم في انشطة الصف، ولكن المهم كيف يمكن أن تساعد وتسهم في نمو تلك الآراء ووجهات النظر وخلق الأوضاع التي يعبر فيها الطلبة عن آرائهم وتوجهاتهم داخل الفصل وخارجه.
هل يعتقد المعلمون بالمدرسة بأن جميع الطلاب يمكنهم الوصول إلى مستويات عالية في التعلم؟ هل يستخدم المعلمون بالمدرسة طرق تدريسية متنوعة تلبي إحتياجات الطلاب؟
هل تحدد المدرسة من خلال معلميها مستويات إنجاز عليا للطلاب على مختلف مراحلهم وقدراتهم الذاتية؟
هل تتفهم المدرسة التأثيرات الإيجابية الناتجة عن مشاركة الأسرة على تعلم الطلاب وتدخلها في تربية الطلاب؟ هل تتيح المدرسة للآباء والطلاب الفرصة في إخبارها بتوقعاتهم نحو التعلم ؟ هل أسهمت حقا العلاقة السائدة بين المدرسة والمجتمع في تكوين البناء التعليميي للطالب ؟
ثانيا: بناء الشخصية:
هل أدت المدرسة دورها في غرس القيم والمبادئ والسلوكيات الصحيحة في نفوس الطلاب؟ هل تتابع المدرسة سلوك الطالب والتغيرات الحاصلة في سلوك الطلاب من مرحلة لأخرى باستمرار؟ هل تعمل المدرسة على دراسة الظواهر السلوكية في المجتمع المدرسي وتحليلها لمعرفة اسبابها والنتائج المقترحة لعلاجها؟ هل تهتم المدرسة بالطالب نفسيا وسلوكيا كاهتمامها به من ناحية التحصيل الدراسي؟ هل تعمل المدرسة على إشراك الآباء ومؤسسات المجتمع الأخرى في علاج المشكلات السلوكية للطلاب؟ هل تعمل المدرسة على الإهتمام بالطلاب وبناء ذواتهم وشخصياتهم النفسية والروحية؟ هل تقوم المدرسة بدورها في غرس القيم والأخلاق والأفكار الإيجابية وتعزيز الإيمان والثقة لدى الطالب بأهمية المستقبل والإستفادة من التطوير الإيجابي في بناء الفرد الصالح؟ هل غرست المدرسة في نفوس الطلاب معنى وقيمة المواطنة الصالحة؟ هل تعزز المدرسة الهوية الذاتية للفرد بإنتمائه وولائه وتولد لديه أهمية المبادأة والمبادرة في تحقيق الأهداف السامية؟ هل عملت المدرسة على تفعيل وتطوير طرائق التدريس والتقويم؟ فإحداث تنويع وتطوير في طرائق التدريس والتقويم من شأنه ان يؤدي إلى إيجاد جيل واع بما يدور حوله في العالم وفي نفس الوقت لا يفقد هويته الوطنية قادر على الإبداع والتنبؤ بالمستقبل.
هل إقتصرت إهتمامات المدرسة بالطالب في تنمية الجانب المعرفي لديه أم أنها أعطت البعد الإجتماعي اهميته في عملية التعليم؟ لهذا فإن المدرسة اليوم تواجه تحديا بارزا في بناء جيل مستقبلي يمتلك مقومات النماء والتكيف مع واقعه ومدركا أن الفرد بطبيعة الحال إجتماعي بطبعه مدني بفطرته ولهذا فليس عليه أن ينغلق على نفسه ويحجر فكره وعقله بل عليه أن ينفتح على العالم ويأخذ منه ما يستطيع به فهم العالم حوله ويحفظ له موقعه ومكانته وسبيل وجوده، وبما يحفظ له ثوابته القيمية والإجتماعية والحضارية التي تمثل أساسا لهوية الفرد في عالم سريع التغير.
هل عملت المدرسة عل تحصين الطالب من كثير من الأخطار التي تهدده والتي أفرزتها ظاهرة العولمة؟ وفي ذلك إبرازا لدور المدرسة في تحصين الطالب بالقيم والمبادئ لمواجهة بعض الظواهرالسلوكية كالإنحراف والإنحلال الخلقي والتفكك الأسري والمخدرات والعنف والجريمة والإنتحار والتخريب واللامبالاة والبعد عن تحمل المسؤوليات والتمرد على النظام والقانون وغيرها من الاثار السلبية التي افرزتها العولمة وسيطرة التكنولوجيا على الثقافة والحضارة وبالتالي فإن دورالمدرسة يكمن في تبصير الطالب وتوعيته بذلك وغرس الحس والشعور الأمني لديه بأهمية الأمن والإستقرار في التطوير والتقدم وخطورة إنتشار واستفحال مثل هذه الأحداث على الفرد والمجتمع والوطن، وفي ذلك تأكيدا لما ذكرناه سابقا من أن دورالمدرسة الفعالة لا يقتصر عند تطوير معارف وقدرات الطلاب بل لا بد من تكامل هذه الجوانب لصياغة وتشكيل طالب الألفية الثالثة .
إن هذا الدور في حقيقة الأمر لا يقل أهمية عن دور المدرسة في توظيف التكنولوجيا لخدمة الطلاب أو إثراء معرفة الطالب وثقافته ومهاراته إن لم يكن أكثرها أهمية وأدقها خطرا خاصة في ظل الفجوة الكبيرة التي اوجدتها العولمة بين القيم والفرد. فالتربية بلا أخلاق أو قيم لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تحقق أهدافها السامية، والمدرسة التي تجعل غرس القيم والمبادئ والأخلاق والسلوكيات الصحيحة في نفوس الطلاب آخر أولوياتها لا يمكن أن تصل بالتالي إلى تحقيق المواطنة الصالحة والإنتماء والولاء التي تشكل جوانب أساسية ينبغي أن نكسبها ونغرسها في طلابنا بعد تخرجهم بحيث تصبح هذه المبادئ أسس رئيسة ينطلقون من خلالها في المجتمع المحلي ويتعاملون بها مع العالم الخارجي.
ثالثا: بناء القدرات
ما هو الحيز المعطى في المدارس لبناء قدرات الطالب العقلية والفنية ؟ وما المساحة التي تعطى لنشاط الطالب في المدرسة؟ وهل المدارس بتلقينها وبحثها في إعطاء المعلومة للطالب تكشف عن قدرت الطالب أم أنها تساهم في كبت هذه الطاقات والقدرات وقتلها داخل الصفوف ؟ وهل عملت المدارس على توفير فرصة إكتشاف الطالب لقدراته؟ هل يعمل المناخ المدرسي السائد بالمدرسة في تنمية المهارات وإظهار المواهب ؟ هل توظف المدرسة التقنيات الحديثة بشكل جيد لتطوير وتنمية مواهب وقدرات الطلاب؟ هل تعمل المدرسة على تسهيل وتيسير أقصى جوانب النمو لكل متعلم بعمل التحولات الأكاديمية المناسبة والملائمة والبناء على المعرفة السابقة للمتعلم والتجارب والخبرات والمهارات واسلوب التعلم من خلال إكساب الطلاب المهارات المختلفة للعمل المهني أو الوظيفي؟إن المدرسة اليوم وحتى تتوافق ومتطلبات الطلاب في العصر الجديد عليها أن تسعى جاهدة على غرس مجموعة من المهارات والقدرات في الخريجين وتنمية كفاءاتهم فالتفكير الناقد وروح الإستقلالية والإعتماد على النفس وروح العمل الجماعي والقدرة على تطبيق ما يتعلمه الطالب والإستعداد لدخول الحياة المهنية والثقة بالنفس والمسؤولية المدنية والوعي والإدراك لما يدور في العالم والقدرة على إتخاذ القرار ومحاولة إستيعاب ما يدور في العالم من تغيرات عالمية محيطة، هذه وغيرها مهارات ينبغي أن يتسلح بها طالب الألفية الثالثة.
هل تعمل المدرسة جاهدة في توظيف التكنولوجيا العصرية لخدمة مستقبل الطالب؟ هل تعتمد المدرسة في منهجيتها على تطبيق التقنيات الحديثة في التعليم والتعلم؟ وذلك من خلال الأخذ بتقنيات التعلم الحديثة كأساس في التعليم، والعمل على توفير تقنيات التعليم والمعلومات في الممارسات التدريسية والإدارية والفنية بالمدرسة وبالتالي تدريب المتعلمين على إستخدام تلك التقنيات ووسائل الإتصال الحديثة بما يحقق لهم فهم دقيق لها وممارسة وتطبيق عملي لها في الواقع.