لقد ساهمت رؤية تطوير التعليم المدرسي في السلطنة وما احتوته من توجهات نوعية ابتكارية في تعزيز جوانب المبادرة لدى المعلمين والتربويين على حد سواء، نتيجة تنوع الخيارات التعليمية التي تمخضت من رؤية تطوير التعليم المدرسي في إطار أولويات الرؤية والبدائل التطويرية التي صاحبتها في جميع مجالات العمل التربوي، وتعزز مبدأ المبادرة والتجديد وأهميتها في التفاعل مع متطلبات التطوير التربوي ، حيث فرضت هذه القناعات على التعليم بالسلطنة أن يواكب المتغيرات العالمية وبالتالي أن يكون تعليم ذي جودة ملبي للاحتياجات، إن هذا التنوع والشمولية التي يتميز بها النظام التعليمي بالسلطنة يمكن أن تكون فرصة داعمة في تعزيز جوانب المبادرة والتطوير وتأكيدهما في قناعات المعلم والتربوي على حد سواء، وفي ممارساته، لتصبح ممارساته ومبادراته وما يطرحه من أفكار وبدائل وخياراته، مبنية على تحليل دقيق ودراسة واعية ونقد بناء ، وفي إطار من الدراسة الواعية لاحتياجات الواقع ومتطلبات المستقبل؛ لقد حملت رؤية التعليم المدرسي في أهدافها وغاياتها الكثير والكثير من التوجهات التطويرية النوعية التي تفتح المجال لمزيد من التجديد والابتكار والتطوير ومراجعة الذات وتقييم الممارسات في مرحلة غلب عليها معيار التنافس وتقديم الأفضل من خلال إيجاد خيارات متعددة وبدائل متنوعة في إطار يراعي الاحتياج الفعلي والإمكانيات المتاحة ويعزز من مستوى الطموح القائم على تحقيق الأهداف والتنبؤ بالنتائج.
وتأتي أهمية المبادرات في كونها تعمق من مفهوم الجدارة في الأداء والرقي في الفكر والسمو في التفكير والايجابية في الممارسة ، وتعزز لدى الفرد مبدأ الانتماء المهني والولاء الوظيفي ، والإحساس بالمسؤولية، والانتقاء والاختيار بناء على تجربة ومران، وبالتالي نقل المعلم والتربوي إلى مرحلة التأمل والانفتاح والمسؤولية والثقافة المؤسسية الواعية المدركة للتطورات الحاصلة في المؤسسة والمستجيبة لكل التجديدات الحاصلة بها، والتي تؤكد على العمل الجمعي، مع إعمال التحليل والنقد البناء وتوظيف تجارب الحياة والاستفادة من تجارب الآخرين في سبيل الرقي بفكر العاملين الآخرين في المؤسسة التربوية وتعزيز ثقافة الجودة والتطوير في كوادرها البشرية.
من هنا فإن تلك الفرص التي ساهمت رؤية تطوير التعليم المدرسي في خلقها وتكوينها ، تؤكد أهمية المبادرات الفردية والجماعية التي يقدمها المعلم باعتبارها أحد السبل التي تضمن وصول المؤسسة التعليمية إلى مستوى من الجودة والفاعلية، ناهيك عما يمكن أن تقدمه تلك المبادرات من إيجابية وتعزيز لرصيد المؤسسة التربوية كمنظمة متعلمة تتعلم ذاتها، بحيث تمتلك من القدرات والاستعدادات والطاقات ما يساعدها على ترتيب أوضاعها والاستفادة من الخبرات والتجارب المتوفرة، وتفعيل هذه الخبرات وتطويعها بما يسهم في التفاعل مع التحديات والتغيرات والاستفادة من الفرص المتاحة لها، بما يسهم في تحقيق جودة عالية في العمل ومخرجات الأداء.
إن من يمن الطالع الإشارة أيضا إلى أن التطوير الحاصل في منظومة التعليم واكبه تطوير في نوعية الاهتمامات والمبادرات التي بدأ تطرح في الحقل التربوي والتي يتوقع لها المزيد من الابتكارية والموجهة بما يرقي من عمليات التطوير ويضعها موضع التنفيذ ، كما أن ما يمكن أن نشير إليه في هذا المقام هو أن التوجهات التطويرية لتطوير التعليم المدرسي راعت من بين الجوانب التي أعطتها أولويتها هو الاستفادة من خبرات الآخرين والتجارب التطويرية في الدول ذات الأداء التعليمي المتطور، وفي نفس الوقت اهتمت بضرورة أن تبني عمليات التطوير على قناعات المجتمع العماني وأخذ رأي الحقل التربوي في برامج التطوير التربوي وإشراك المجتمع المحلي بفاعلية في خطط التطوير التربوي من جهة والاستفادة من رأيه ومقترحاته التطويرية من جهة أخرى، وهذا بدوره ساهم في تحقيق التنوع والشمولية والمرونة في التعاطي مع هذه الاتجاهات مما ساهم في مزيد من الابتكارية والحاجة إلى إعمال الفكر والتنويع في محتوى المبادرة ومضمونها وغايتها وأهدافها بشكل يعكس متطلبات التطوير التربوي ويعزز الممارسة الفعليه في إطار من المرونة والواقعية بعيدا عن الشكليات والطموحات التي لا تنزل إلى مستوى العمل والواقع.
لقد أتاحت الإجراءات التي اتبعتها الوزارة في هذا الشأن، فرصة التأكيد على حسن التوجه نحو تعزيز وعي الحقل التربوي بأهمية المبادرات النوعية والإبداعية والتي تحمل رؤية تطويرية يمكن أن تخدم واقع التطوير التربوي وتوجهاته المستقبلية، بدءا من تشكيل لجان المبادرات والمشاريع على مستوى ديوان عام الوزارة والمناطق التعليمية والتي من بين أهدافها: بناء قدرات وطنية قادرة على التجاوب مع متطلبات التطوير التربوي وإثرائه بمرئياتها وأفكارها العملية، وإتاحة الفرصة للعاملين في الحقل التربوي لمزيد من المبادرة والتجديد والتطوير التي تحمل في طياتها ثقافة الجودة والابتكارية في المؤسسة التربوية، ، بالإضافة إلى أن المناشط التربوية والبرامج والمسابقات التي تبنتها الوزارة والتي صاحبت رؤية التطوير التربوي ساهمت بلا شك في تجديد الفكر التربوي وتعزيز الثقافة الايجابية لدى العاملين في الحقل التربوي، وإن من بين ما يمكن الإشارة إليه في هذا الصدد ، أن الوزارة اتجهت في ظل رؤية تطوير التعليم المدرسي نحو تشجيع إقامة الملتقيات السنوية للمعلمين في المناطق التعليمية المختلفة، من أجل إشراك المعلمين والتربويين في تطوير العملية التربوية التعليمية، بحيث يتوقع أن تُسهم هذه الملتقيات في تقديم خلاصة التجارب والدراسات البحثية المتعددة، من خلال تبادل الأفكار التربوية وطرح التحديات التي قد يواجهها المعلمون في العملية التعليمية التربوية، بما يُسهم في تعزيز الدافعية نحو العمل البنّاء والأخذ بهذه النتائج لكي يتم الاستفادة منها.
كذلك شكلت مسابقة المعلمين والتربويين في الحقل التربوي خطوة مهمة في مسيرة التطوير الذي تنشده وزارة التربية والتعليم على كافة الأصعدة، فالمعلمون والتربويون هم المستهدفون، ورعاية المجيدين منهم ومبادراتهم التربوية، وإثراء الفكر التربوي بكل ما هو جديد أهم الغايات الانمائية والتطويرية للمسابقة، وهي في حد ذاتها تعكس النظرة المستقبلية للوزارة وما توليه من اهتمام بالمعلمين والعاملين ورعايتهم في الحقل التربوي، حيث أصبح إثراء الفكر والطرح التربوي من خلال تنوع البحوث والدراسات والكتب العلمية والمشاريع والتجارب والبرامج الالكترونية، من الأمور المهمة في مختلف النظم التربوية العالمية، عليه تظل هذه المسابقة مكسباً تربوياً هادفاً، وتوجهاً سليماً وضرورياً، يُعبر عن رؤية بعيدة وشاملة لمختلف التوجهات الحديثة.
وسعيا نحو إتاحة المناخ التربوي المناسب للمعلم والتربوي، فقد سعت الوزارة إلى تنفيذ المنتدى التربوي الصيفي في أثناء تنفيذ مهرجان صلالة السياحي في شهر يوليو من كل عام تزامنا مع فصل الخريف حيث تطرح فيه العديد من البرامج التربوية المناسبة والتي تعزز من بناء قدرات الكادر البشرية بهذه الوزارة وتتيح لهم فرص اللقاء بالعديد من التربويين من دول مختلفة، ... إذ تقوم الوزارة فيه بدعوة العديد من الخبراء والتربويين من دول مختلفة، وهو يحمل في طياته رؤية استشرافية تعزز من مفهوم المبادرة والتجديد، مع ما يتضمنه المنتدى من برامج تدريبية وترفيهية وعروض للتجارب الميدانية، التي تسهم في تجديد نشاط المعلمين والعاملين في الحقل التربوي، وإضافة الجديد لخبراتهم ومهاراتهم وابتكاراتهم.
وسعيا نحو الاستفادة من تجارب ومبادرات المعلمين وتعزيز مستوى الكتابة الإبداعية لديهم من خلال الاطلاع على المستجدات والقراءة الواعية لقضايا التربية والتعليم فقد ساهمت رؤية الوزارة في تعيين موقعها على الإنترنت( المنتدى التربوي) وفي إصدار الوزارة لدورية( التطوير التربوي ) والتي تهدف إلى نشر إبداعات المعلمين والتربويين من أساليب وطرائق التدريس وغيرها من الموضوعات التي تخدم رؤية التطوير التربوي تعتبر سانحة لمزيد من المبادرة وتقديم المرئيات التطويرية.
وليس هناك مجالا للشك في أن هذه الإجراءات وغيرها التي اتخذتها الوزارة هي دعوة صادقة للمعلم والتربوي وجميع العاملين في الحقل التربوي نحو التجديد والمبادرة والإنتاجية والعطاء المستمر، إن المبادرة ونوعية هذه المبادرة والجديد الذي تقدمه هي المعيار الذي يتمايز بشأنه التربويون على أمل أن تقدم هذه المبادرات الترجمة الفعلية لرؤية التطوير التربوي وتتأكد من خلالها حقيقة الوعي التربوي والمسؤولية المهنية.
واستكمالا لما تم ذكره سابقا فإن نظرة للواقع لتؤكد نجاح التوجه الذي رسمته الوزارة بشأن تعزيز الوعي بأهمية المبادرات في الحقل التربوي، إن المطلوب من الوزارة في المرحلة القادمة هو التركيز على المعايير المبنية على عمليات الانتقاء والاختيار الواعي لهذا المبادرات بما يعكس صدق التوجه نحو المطلوب من هذه المبادرات والأثر الذي يمكن أن تحدثه في إثراء منظومة العمل التربوي من جهة ، ومن جهة أخرى سعيا من الوزارة نحو إتاحة الفرصة لتقديم المبادرة النوعية المتعمقة التي تراعي متطلبات الواقع وتوجهات المستقبل وتستجيب للمتغيرات الحاصلة في المنظومة التعليمية، في إطار من التحليل الاستراتيجي الذي يراعي متطلبات الواقع ويرصد التحديات ويستفيد من الفرص ويضع الأطر العامة للتعامل مع التهديدات المتوقعة وهي أسس مهمة ينبغي أن تتوفر في محتوى المبادرة التربوية.